بحث حول تأهيل المؤسسات الاقتصادية (المبحث 02)
بحث حول تأهيل المؤسسات الاقتصادية (المبحث 02)
المبحث الثاني: دوافع وبرامج تأهيل المؤسسات الاقتصادية
إن من أهم دواعي تأهيل المؤسسات الاقتصادية هو إبرام اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي وإقامة منطقة للتبادل الحر فهو يعرض المؤسسات إلى منافسة حادة لم تتعود عليها، وقصد تفادي ذلك سطرت الحكومة برامج لتأهيل المؤسسات الاقتصادية، لرفع قدرتها التنافسية.
وعليه سنحاول في هذا المبحث معرفة:
- دوافع تأهيل المؤسسات الاقتصادية.
- برامج تأهيل المؤسسات الاقتصادية.
المطلب الأول: دوافع تأهيل المؤسسات الاقتصادية
إن أهم الأسباب والدوافع التي أدت بالقيام ببرامج التأهيل تكمن في العوامل التالية:([20])
الفرع الأول: التحديات
تتمثل في تحديات المنافسة الخارجية، نتيجة للتغيرات التي يعرفها الاقتصاد الوطني كموجة التحرر الاقتصادي، والاندماج ضمن فضاءات المناطق ذات التبادل الحر خاصة الانضمام إلى منطقة التجارة الحرة مع الإتحاد الأوروبي بعد الاتفاق المبرم في أفريل2002 في إطار الشراكة الأورومتوسطية بالإضافة إلى الانضمام المرتقب إلى منظمة التجارة العالمية.
الفرع الثاني: ضعف التسيير والتكوين
تتميز المؤسسات الجزائرية بعدم إتباعها للأساليب الحديثة في الإدارة والتسيير، بالإضافة إلى عدم وجود التخصص الوظيفي بالمعنى المعروف في سجل ترتيب الوظائف والمحاسبة والاقتصاد وغيرها، وعدم وجود تنظيم إداري واضح المعالم لسير العمل في أقسام وإدارات المؤسسة، كما أنه لا تلجأ المؤسسات إلى تدريب وتكوين عمالها نتيجة للصعوبات المالية، بالإضافة إلى غياب ثقافة الاستثمار في العنصر البشري وعدم ملائمة نظم التعليم والتدريب لمتطلبات التنمية.
الفرع الثالث: الصعوبات الإدارية ومشاكل نقص المعلومات والخبرة التنظيمية
تتلخص أهم المشاكل الإدارية في إهمال "التخطيط والمتمثل في تخطيط الطاقة الإنتاجية، تخطيط الموارد اللازمة للتشغيل ( المواد، العمال، الآلات والأموال...)،تخطيط ووضع برامج للعمل، صعوبة تحديد الاختصاصات والمسؤوليات ووضع هيكل تنظيمي للمؤسسة" وعدم القدرة على "اتخاذ القرارات والافتقار إلى دراسات الجدوى الاقتصادية الدقيقة كل هذه تعتبر مقدمات لمشاكل إدارية قد تؤدي إلى فشل المؤسسة وزوالها"، ويعتبر "نقص المعلومات الاقتصادية الدقيقة وصعوبة الحصول عليها من المشاكل الخطيرة التي تواجه المؤسسات في رسم سياساتها الإنتاجية والتوسعية ومخططاتها التسويقية لعدم توفر مركز مختص في جمع ومعالجة وتوزيع المعلومة الاقتصادية، ويظهر النقص في المعلومات واضحا بالنسبة للظروف المحيطة بنشاط المؤسسات".
الفرع الرابع: الصعوبات الخاصة بالعقار
من بين العراقيل التي تواجه المستثمرين هو عدم تنظيم آليات الحصول على العقار الصناعي وكذلك الحالة السيئة التي تعيشها أغلبية المناطق الصناعية ومناطق النشاط، حيث عرف العقار توزيعا غير مدروس، إذ نجد الكثير من الأراضي مازالت غير مستغلة أو استعملت لنشاطات أخرى خارج القطاع، بينما بقي الكثير من المستثمرين الحقيقيين أو الذين يريدون توسيع نشاطاتهم يعانون من هذا المشكل.
الفرع الخامس: الصعوبات الفنية
من المشاكل الفنية التي تعترض المؤسسات الجزائرية ما يلي:
أولا: ارتفاع تكلفة الحصول على المعدات والآلات والمواد الأولية نظرا لاستيرادها من الخارج وبكميات قليلة لا تؤهلها للحصول على خصومات أو تخفيضات تجارية، وهذا ما يؤثر على ارتفاع أسعار تكلفة الإنتاج وانخفاض هامش الربح، فضلا على أن عملية فتح اعتماد مستندي وتوفير النقد الأجنبي تشكل عائقا في حد ذاتها؛
ثانيا: صعوبة الحصول على المساحات والمواقع المناسبة كالأراضي لإقامة المشاريع، وإن وجدت فقد تجدها بعيدة عن مرافق البنية التحتية (الأراضي غير مهيئة بالماء والغاز وقنوات صرف المياه وشبكات الاتصالات والطرق غير المعبدة) ونقاط البيع ومستودعات التموين بالمواد الأولية مما يكلفها نفقات نقل إضافية، فضلا على مشاكل التخزين المرتبطة بالعملية الإنتاجية، وانخفاض مستوى التكنولوجيا المستخدمة، والافتقار إلى دراسات الجدوى الاقتصادية، مع عدم دقة البيانات المحاسبية والمالية والتأخر في انجازها.
الفرع السادس: الصعوبات التسويقية
تتمثل أهم الصعوبات التسويقية التي تواجهها المؤسسات فيما يلي:
أولا: انخفاض الإمكانيات المالية لهذه المؤسسات مما يؤدي إلى ضعف الكفاءة التسويقية نتيجة لعدم قدرتها لتوفير معلومات عن السوق المحلي والخارجي وأذواق المستهلكين بالإضافة إلى مشاكل ارتفاع تكاليف النقل وتأخر العملاء في تسديد قيمة المبيعات وعدم دعم المنتج الوطني بالدرجة الكافية؛
ثانيا: عدم وجود منافذ تسويقية منتظمة لتعريف المستهلك المحلي والخارجي بمنتجات وخدمات هذه المؤسسات فضلا عن ضيق نطاق السوق المحلي، وعدم إتباع الأسلوب العلمي الحديث في مجال التسويق ونقص الكفاءات التسويقية وعدم الاهتمام بإجراء البحوث التسويقية خاصة في مجال دراسة الأسواق وأساليب النقل والتوزيع والتعبئة والتغليف وأذواق المستهلكين .... الخ. الأمر الذي يحد من قدرة هذه المؤسسات على تسويق منتجاتها؛
ثالثا: تفضيل المستهلك المحلي للمنتجات الأجنبية المماثلة في بعض الأحيان بدافع التقليد أو لاعتياده على استخدام هذه السلع الأجنبية مما يحد من حجم الطلب على المنتجات المحلية؛
رابعا: عدم توفر الحوافز الكافية للمنتجات المحلية مما يؤدي إلى منافسة المنتجات المستوردة لمثيلاتها من المنتجات المحلية وقيام بعض المؤسسات الأجنبية بإتباع سياسات إغراقية لتوفير منتجاتها للأسواق المحلية بأسعار تقل عن أسعار المنتج المحلي، مما يؤدي إلى ضعف الموقف التنافسي للمؤسسات الوطنية العاملة في هذه الصناعات؛
خامسا: تجاه نسبة كبيرة من هذه المؤسسات إلى القيام بالبيع المباشر للمستهلك النهائي أو بالبيع لتجار التجزئة الصغار مما يؤدي إلى زيادة الأعباء التسويقية لهذه المؤسسات وعدم قيامها بأداء هذه المهمة بكفاءة ؛
سادسا: نقص المعلومات والإحصاءات المتاحة لدى المؤسسات الجزائرية خاصة فيما يتعلق بالمؤسسات المنافسة من شروط ومواصفات السلع المنتجة، وعدم القدرة على القيام بعمليات الدعاية والإعلان الكافية لمنتجات المؤسسات المحلية في الخارج نتيجة ارتفاع تكاليف تلك العمليات.
الفرع السابع: الصعوبات التمويلية
من بين المشاكل التي تواجه المؤسسات محدودية التمويل وأسعار الفائدة المرتفعة على القروض وإشكالية الضمانات وشروط سدادها وكذا صعوبة الحصول عليها لارتفاع درجة المخاطرة، ويمثل التمويل محور اهتمام المؤسسات إلى درجة القول أنه يمثل الحد الفاصل بين بقاء أو زوال المؤسسة لذا يتوجب عليها اجتياز عقبة المشاكل التمويلية إن أرادت الاستمرار ونمو أعمالها .
المطلب الثاني: برامج تأهيل المؤسسات الاقتصادية
برامج التأهيل عبارة عن إجراءات تحث على تحسين تنافسية المؤسسات ورفع أدائها الاقتصادي والمالي ليكون في المستوى الدولي.
الفرع الأول: برنامج تأهيل المؤسسات الاقتصادية الصناعية
يسعى برنامج التأهيل الصناعي إلى دعم ومرافقة المؤسسات الصناعية، العمومية والخاصة، لترقية التنافسية الصناعية وذلك بتحسين كفاءات المؤسسات الصناعية وتهيئة المحيط المباشر لها بتكييف جميع مكوناته (أنشطة مالية، ومصرفية، إدارية، جباية، اجتماعية... الـخ).
وان إجراءات تنفيذ برنامج التأهيل الصناعي تتمثل في القيام بمجموعة من الأعمال على مستوى المؤسسة وعلى مستوى المحيط المباشر لها.
فعلى المؤسسات التي ترغب في الاستفادة من المساعدات والإعانات المالية للقيام بعملية التأهيل أن تقوم بإجراء تشخيص إستراتيجي وإعداد مخطط تأهيل لها وذلك بالاستعانة بمكاتب الدراسات والمستشارين لإرفاقه بطلب الإعانة لصندوق ترقية التنافسية الصناعية ويتطلب أن يتضمن التشخيص كل المعطيات الضرورية المتعلقة بالمؤسسة كتلك الخاصة بالجانب المالي، التقني التسويقي...الــخ ([21]).
وأخيرا يمكن التعبير عن مسار عملية التأهيل من خلال الشكل التالي:
الشكل رقم (1): مسار عملية التأهيل
أولا: مضمون وأهداف البرنامج
كانت أول انطلاقة لتأهيل المؤسسات الصناعية في سنة 1999 في إطار التعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، حيث قدمت مساعدات مالية مقدرة ب1.000.269 دولار، ويسعى البرنامج الوطني لتأهيل المؤسسات الصناعية التي تشغل أكثر من20 عامل والذي تشرف علية وزارة الصناعة إلى دعم ومرافقة المؤسسات الصناعية العمومية والخاصة لترقية التنافسية الصناعية وذالك بتحسين كفاءات المؤسسات الصناعية وتهيئة محيطها بتكيف جميع مكوناته ، ويقدر المبلغ المخصص بتمويل هذا البرنامج ب 04 مليار دج ([22]).
وترمي عملية تأهيل المؤسسات الاقتصادية إلى تحقيق جملة من النقاط على رأسها تأهيل البيئة التي تنشط فيها المؤسسات المختلفة " كلية ، جزئية و قطاعية " ذلك لأن المؤسسة في ظل الاقتصاد التنافسي ، يصبح هدفها اقتصادي ومالي في آن واحد، محليا ودوليا، وبهذا تتعدد الأهداف والوسائل لتحقيق ذلك. وفيما يلي أهم الأهداف الخاصة ببرنامج تأهيل المؤسسات الصناعية على المستويات الثلاث، الكلي، القطاعي، الجزئي أي على مستوى المؤسسات الاقتصادية والتي حددت من خلال التشخيص لوضعية القطاع الصناعي الجزائري من قبل الوزارة المكلفة، بالتنسيق مع وكالة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية " "ONUDI.
الشكل رقم (2): أهداف برنامج التأهيل
المصدر: وزارة الصناعة وإعادة الهيكلة
أهداف البرنامج: ([23])
1أهداف التأهيل على المستوى الكلي : تتمثل في عصرنة المحيط الصناعي وهيكلته، وذلك أن تأهيل المحيط لابد أن يبحث عن مصادر التنافسية على مستوى الاقتصاد الكلي، وهذا لأن مؤسساتنا لا تستفيد من بيئة مدعمة لها، أو ملائمة ومحفزة وفقا لسياق المنافسة العالمية، وهو ما لم يسمح للجزائر باستغلال المزايا المقارنة والأهداف نوجزها في النقاط التالية:
- إعداد سياسة اقتصادية تكون أساسا لبرنامج الدعم والحث على رفع المستوى التأهيلي مع مراعاة الفرص المتاحة من قبل القدرات الوطنية و الدولية ؛
- ـوضع آليات تسمح للمؤسسات و الهيئات الحكومية القيام بإجراءات على المستوى القطاعي و الجزئي؛
- وضع قيد التنفيذ برنامجا تحسيسيا واتصاليا من أجل جعل إجراءات السياسية الصناعية مقروءة بالنسبة للمتعاملين الاقتصاديين مع الإشارة بوضوح إلى الممثلين و الوسائل المتوفرة للمؤسسات .
2ـأهداف التأهيل على المستوى القطاعي : نجد بأن برنامج تأهيل المؤسسات يهدف إلى تحديد الهيئات المتعاملة مع المؤسسة ، من حيث مهامها وإمكاناتها وتأكيد من مدى كفاءتها في دعم عملية التأهيل ، و بهذا فالهدف الأساسي على المستوى القطاعي يكمن في تدعيم إمكانات الهيئات المساعدة للمؤسسة و محيطها بما يسمح بتحسين المنافسة بين المؤسسات و يتعلق الأمر أساسا بــ:
- جمعيات أرباب العمل و المهنيين في القطاع الصناعي؛
- الهيئات الشبه عمومية " تقنين"، مكاتب الدراسات في الجودة، مدارس، معاهد التكوين في الإدارة "؛
- هيئات التكوين والتخصص؛
- البنوك والمؤسسات المالية؛
- هيئات تسير المناطق الصناعية؛
- معاهد و مراكز الموارد التكنولوجية و التجارية .
فهدف تأهيل بيئة المؤسسة هو تدعيم قدرات هيئات الدعم للمساهمة في تحسين تنافسية المؤسسات وذلك من خلال مجموعة من النشاطات التي تقوم بها كالتكوين، ومنهجية تقييم ومتابعة مخططات التأهيل، من خلال ذلك يكون فحص تشخيص وتأهيل الموجود، واقتراحات و دراسات لإمكانية الإنجاز للهياكل الجديدة .
3ـ أهداف التأهيل على المستوى الجزئي : إن برنامج التأهيل هو عبارة عن مجموعة من الإجراءات المحفزة على تحسين النوعية، ومن وجهة نظر المؤسسات يعتبر برنامج التأهيل مسار تحسين دائم ، أو إجراء تطوري يسمح بالتنبؤ بأهم النقائص أو الصعوبات التي تواجه المؤسسة، فهو لا يعتبر إجراء قانوني تفرضه الدولة على المؤسسات، و إنما برنامج طوعي تلعب فيه الدولة دور المدعم لهذه المؤسسات المستجيبة لمعايير قبول الأداء.
فالمؤسسات الاقتصادية من خلال انخراطها في هذا البرنامج يمكنها تحقيق الأهداف التالية:
- تطوير نظم الإنتاج و التحكم في نوعية المنتجات و الخدمات؛
- تطوير نظم الإدارة و تكيف المؤسسات مع الطرق الحديثة للتسيير و التنظيم؛
- الرفع من الكفاءة الإنتاجية للمؤسسات من خلال التحكم في تكاليف الإنتاج ؛
- تحسين الجودة و الحصول على الشهادة الإيزو بإخضاع المؤسسة للمقاييس الدولية للجودة؛
- تطوير مهارات العاملين و إرساء ثقافة المؤسسة؛
- تطوير التسويق و بحوث التسويق للحفاظ على حصة المؤسسة في السوق الداخلية كمرحلة أولى، واقتحام الأسواق الخارجية في المرحلة الثانية؛
- خلق مناصب شغل جديدة و الحفاظ على مناصب الشغل الحالية
ولإنجاح برنامج التأهيل يجب على المؤسسة تنبيه من خلال القيام بالإجراءات وإصلاحات داخلية على المستويات التنظيمية الإنتاجية والاستثمارية والتسويقية، ثم لتشمل مجموع الهيئات المؤسساتية المحيطة أو المتعاملة مع المؤسسة ([24]).
ثانيا: الهيئات المشرفة على البرنامج
يتم تنفيذ هذا البرنامج من طرف هيئات تشرف على ذلك وهي:([25])
1-المديرية العامة لإعادة الهيكلة الصناعية:( DGRI ) وهي تابعة لوزارة الصناعة وإعادة الهيكلة وهي المكلفة بتسيير برنامج التأهيل تتمثل مهامها فيما يلي:
- تحديد الإجراءات والشروط التقنية والمالية والتنظيمية لبرنامج التأهيل؛
- وضع برنامج إعلامي تحسيسي للمؤسسات والهيئات المعنية بالبرنامج؛
- تطوير وترقية برنامج التكوين للأفراد المعنيين بالإشراف على برنامج التأهيل؛
- اقتراح تعديلات فيما يخص النصوص القانونية التي تنظم المؤسسات والتي لها علاقة مباشرة بإصلاحها؛
- توجد على مستواها الأمانة التقنية والتي يقع على عاتقها دراسة ملفات التأهيل المقدمة من طرف المؤسسات الراغبة في الاستفادة من ذلك قبل إرسالها للجنة الوطنية للتنافسية الصناعية.
2- اللجنة الوطنية للتنافسية الصناعية :(CNCI )يرأسها وزير الصناعة وإعادة الهيكلة وتضم ممثلي عدة وزارات أهمها:
- ممثل عن وزارة المالية ؛
- ممثل عن وزارة الصناعة وإعادة الهيكلة؛
- ممثل عن وزارة المساهمة وتنسيق الإصلاحات؛
- ممثل عن وزارة التجارة؛
- ممثل عن وزارة الخارجية.
زيادة على ذلك ممثلي النقابات، أرباب العمل. ولعل أهم مهمة تقع على عاتقها، بالإضافة إلى عدة مهام المتمثلة في إصدار القرار النهائي المتعلق بملفات التأهيل المقدمة من طرف المؤسسات بعد دراستها.
الفرع الثاني: برنامج تأهيل المؤسسات الصغيرة و المتوسطة
يندرج هذا البرنامج في إطار القانون التوجيهي المتضمن ترقية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وذلك بقيام وزارة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في إطار تأهيل هذه المؤسسات بوضع برامج التأهيل المناسبة من أجل تطوير تنافسية المؤسسات وكذا ترقية المنتوج الوطني ليستجيب للمقاييس العالمية. ولقد صادق عليه مجلس الوزراء في 08 مارس 2004 وانطلقت أولى مراحله منذ بداية سنة 2007 بعد استكمال آليات تنفيذه، في إطار تعزيز التنمية المستدامة للاقتصاد الوطني من خلال تحسين ودعم تنافسية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة واكتسابها لعناصر التسيير الراشد باعتماد التقييم والابتكار التكنولوجي.
ويمتد على مدار 06 سنوات ويتم تمويله من طرف صندوق تأهيل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة حيث تقدر الميزانية المخصصة لهبـ 06 مليار دج ([26]).
أولا: إجراءات وأهداف تأهيل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة
1ـ إجراءات تأهيل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة
وتتلخص إجراءات تأهيل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في المراحل التالية: ([27])
التشخيص الاستراتيجي العام لوضعية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وإعداد خطة التأهيل ومخطط التمويل، وتبني برنامج التأهيل من طرف الوكالة الوطنية لتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، تنفيذ ومتابعة خطة التأهيل، ومنح المساعدات المالية.
2ـ أهداف برنامج تأهيل المؤسسات الصغيرة و المتوسطة([28])
- قيادة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بهدف السماح لها بتحسين تنافسينها، وتحقيق المعايير الدولية للتنظيم والتسيير لغرض تقوية تنميتها المستقبلية؛
- جعل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة قادرة على التحكم في التطورات والتقنيات والأسواق والتنافسية على مستوى الجودة والسعر و الابتكار؛
- ترقية رأس المال البشري بواسطة التكوين المستمر؛
- تحسين التمويل (من حيث التنظيم وحجم القروض )؛
- تحسين مستوى الخدمات العمومية ؛
- إزالة الحواجز أمام التعاون بين المؤسسات (كالبحث والتطوير ....).
وتقدر قيمة هذا البرنامج بمليار دينار سنويا يمتد من2001 إلى غاية سنة 2013 على مرحلتين:
- مرحلة تكييف المحيط (2001-2005).
- مرحلة الضبط والتنفيذ (2003-2013).
ثانيا: الهيئات المشرفة على البرنامج
وتتمثل هذه الهيئات فيما يلي:([29])
1- الصندوق الوطني للتأهيل: والذي يتشكل من ممثلي الوزارات المعنية بقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وممثلي غرف التجارة والصناعة الحرف الفلاحية وأرباب العمل والنقابات ويكون تحت إشراف وزير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ومن المهام التي يسهر على القيام بها:
- وضع السياسة العامة لتأهيل المؤسسات؛
- تسيير الإعانات المقدمة في إطار الشراكة مع الاتحاد الأوروبي ؛
- المشاركة في تمويل عملية التأهيل التكنولوجي.
2- الوكالة الوطنية لتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة: هي أداة الدولة في مجال تنفيذ السياسة الوطنية لتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ومن مهامها:
- تنفيذ الإستراتيجية القطاعية في مجال ترقية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتطويرها؛
- تنفيذ البرنامج الوطني لتأهيل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة؛
- ترقية الخبرة والاستشارة الموجهة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة؛
- تقييم فعالية تطبيق البرامج القطاعية ونجاعتها، واقتراح التصحيحات الضرورية عليها عند الاقتضاء؛
- التنسيق مع الهياكل المعنية، بين مختلف برامج التأهيل الموجهة لقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
ثالثا: مراحل تأهيل المؤسسات الصغيرة و المتوسطة([30])
حصول المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على الخدمات في ظل برامج التأهيل يتم عبر عدة مراحل، ويتطلب الانتقال من مرحلة لأخرى أن تستوفي المؤسسة المرحلة التي سبقتها مع ضرورة وجود إرادة من طرف المؤسسة في إكمال عملية التأهيل، فبرامج التأهيل تشتمل في شكلها الأولي وفقا لما عملت به منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية "ONUDI" على أربعة مراحل، تتمثل في التشخيص الإستراتيجي للمؤسسة ومحيطها وبعدها اختيار الإستراتيجيات الملائمة ثم تحديد مخطط العمل الخاص بالتأهيل وفي الأخير التنفيذ والمتابعة، ويمكن تمثيلها في الشكل الآتي:
الشكل رقم (03): مراحل تنفيذ برنامج التأهيل
1. التشخيص الاستراتيجي:
يشمل على تشخيص المحيط الخارجي للمؤسسة من المحيط العام والخاص للوقوف على الفرص والتهديدات، وكذا تشخيص المحيط الداخلي للمؤسسة لتحديد نقاط القوة والضعف، بعدها يضع مكتب الدراسات تقييما شاملا لوضعية المؤسسة في السوق، وتعتبر هذه العملية حرجة لما تتطلبه من معلومات كثيرة ودقيقة والنجاح فيها يعني مواصلة عملية التأهيل.
2. تحديد الإستراتيجيات:
في هذه المرحلة يتم الوقوف على الفرص والتهديدات ونقاط القوة والضعف، بما يسمح بتحديد معالم الإستراتيجية التي يمكن للمؤسسة إتباعها، ابتدأ من الإستراتيجية القاعدية (تخفيض التكاليف، التمييز والتركيز) إلى إستراتيجية التنويع والإستراتيجيات التي ترتكز على وظيفة واحدة أو مجموعة من الوظائف (إستراتيجية التسويق كالعمل على توسيع سوقها والانتقال من المستوى المحلي إلى المستوى الدولي، إستراتيجية البحث والتطوير، إستراتيجية التمويل...)، فكل مؤسسة تنتمي لقطاع معين وبحسب الظروف التي تمارس نشاطها فيه تحدد الإستراتيجية التي تناسبها والأهداف التي تسعى لتحقيقها.
وترى "ONUDI" بأن الإستراتيجية الأفضل الخاصة بالمؤ.ص.م هي التركيز على قطاع سوقي واحد أو نوع واحد من المنتجات توجه إليه كل مواردها مع ضرورة إقامة تحالفات إستراتيجية مع مختلف المتعاملين والاعتماد أيضا على إستراتيجية المرونة في استخدام الموارد والكفاءات لما يمكن أن تحققه للمؤسسة من استجابة سريعة وتأقلم ملائم مع التغيرات في محيطها.
3. مخطط العمل الخاص بالتأهيل:
يتطلب مخطط التأهيل من الجهة القائمة على وضعه أن تكون على دراية تامة بالتشخيص الإستراتيجي والإستراتيجية التي سيتم إتباعها والمواضيع التي ستشملها عملية التأهيل، وأن تكون لها علاقة بكل الأطراف التي لها دخل في العملية، يتضمن المخطط الخطوات التي تتم وفقها عملية التأهيل، في ملف يشتمل على:
أ-التعريف بالمؤسسة:
هي المعلومات العامة التي تخص المؤسسة من التسمية والمقر الاجتماعي ورأس المال وتاريخ الإنشاء والهيكل التنظيمي والمنتجات التي تعرضها والأسواق التي تنشط فيها...
ب- نتائج التشخيص:
يتضمن مخطط العمل الخاص بالتأهيل.
ج- الإستراتيجية المطبقة:
تشمل هذه النقطة الكيفية التي سينفذ من خلالها برنامج التأهيل، من حيث العمليات التي سيتم إنجازها والتاريخ والمدة التي ستنفذ خلالها كل عملية في المديين القريب والبعيد، الاستثمارات الملموسة وغير الملموسة التي سيتم استخدامها مع مختلف العناصر التي تتشكل منها والتكلفة التي تتطلبها...
د- وضع الشروط والفرضيات:
تعبر عن ما يجب توفره لتأخذ الإستراتيجية والعمليات المرتبطة بها المنحى الذي خصص لها، ومن هذه الشروط نذكر ضرورة التزام كل الأطراف المعنية بإتمام المهام الموكلة إليها في الوقت المحدد وبالطريقة الصحيحة، كما تتضمن هذه العملية تحديد جميع المخاطر التي يمكن أن تعترض عملية التأهيل ومن ثمة وضع الفرضيات الممكنة وبناء السيناريوهات المحتملة لتفادي فشل العملية، والتي يمكن ترجمتها من خلال التوقعات الخاصة بمؤشرات المالية المستخلصة من الميزانيات التقديرية.
4- مرحلة التنفيذ والمتابعة:
تنفيذ برنامج التأهيل وفقا لمخطط العمل الموضوع في المرحلة السابقة يتطلب توفر الإرادة من طرف جميع الأطراف لإنجاحه بإتباع كل الخطوات والمدة الخاصة بكل عملية حيث تحقق الأهداف القصيرة الأجل والبعيدة الأجل، وفي حالة حياد النتائج عن المنحى المرغوب فيه يتم التدخل لتصحيح المسار.
.
.
.
يتبع ...
ملاحظة: للانتقال للمباحث الأخرى يرجى الضغط على الروابط التالية
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
المبحث الأول: مفهوم تأهيل المؤسسات الاقتصادية ومتطلباته
المبحث الثالث: تجارب بعض الدول تأهيل المؤسسات الاقتصادية
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
0 التعليقات:
إرسال تعليق