بحث حول تأهيل المؤسسات الاقتصادية (المبحث الأول)
تمهيد
المبحث الأول: مفهوم تأهيل المؤسسات الاقتصادية ومتطلباته
المطلب الأول: تعريف المؤسسات الاقتصادية
المطلب الثاني: تعريف تأهيل المؤسسات الاقتصادية وأهم الأهداف والمزايا التي يتمتع بها
المطلب الثالث: متطلبات نجاح عملية تأهيل المؤسسات الاقتصادية
المبحث الثاني: دوافع وبرامج تأهيل المؤسسات الاقتصادية
المطلب الأول: دوافع تأهيل المؤسسات الاقتصادية
المطلب الثاني: برامج تأهيل المؤسسات الاقتصادية
المبحث الثالث: تجارب بعض الدول تأهيل المؤسسات الاقتصادية
المطلب الأول: التجربة التونسية
المطلب الثاني: التجربة المغربية
خلاصة
قائمة المصادر والمراجع
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
تمهيد:
لقد شهدت السنوات الأخيرة تغيرات عالمية سريعة ومتلاحقة، وذلك بفعل الثورة التكنولوجية والمعلوماتية، وتوسع مجالات المنافسة بين المؤسسات الاقتصادية.
فكل هذه التحولات قد فرضت على الدول النامية والجزائر إيجاد مسار جديد لإعادة تنظيم مؤسساتها وبشكل صارم من طرف الهيئات المختصة، فقد أصبح من الضروري تأهيل المؤسسات الاقتصادية حتى تكون قادرة على التكيف مع المحيط الجديد واستغلال الفرص المتاحة في السوق وتحسين موقعها في إطار الاقتصاد التنافسي والرفع من أداء الاقتصاد الوطني، وهو ما قامت به الجزائر من خلال تسطيرها لبرامج تأهيل المؤسسات الاقتصادية الجزائرية.
وهو ما سندرسه في هذا الفصل والذي تم تقسيمه إلى ثلاث مباحث هي:
- المبحث الأول: مفهوم تأهيل المؤسسات الاقتصادية ومتطلباته.
- المبحث الثاني: دوافع وبرامج تأهيل المؤسسات الاقتصادية.
- المبحث الثالث: تجارب بعض الدول تأهيل المؤسسات الاقتصادية.
المبحث الأول: مفهوم تأهيل المؤسسات الاقتصادية ومتطلباته
إن التغيرات التي شهدها الاقتصاد العالمي، فرض على المؤسسات الاقتصادية تدعيم قدراتها التنافسية، ولأجل كل هذا قامت سلطات بعض الدول بمحاولة إيجاد طرق ووسائل للحد من النقص الموجود في أداء مؤسساتها.
لذا سنحاول في هذا المبحث معرفة:
- تعريف المؤسسة الاقتصادية؛
- مفهوم تأهيل المؤسسات الاقتصادية؛
- متطلبات نجاح عملية تأهيل المؤسسات الاقتصادية.
المطلب الأول: تعريف المؤسسات الاقتصادية
تعد المؤسسة النواة الأساسية في النشاط الاقتصادي وقد شغلت كتابات وأعمال الكثير من الاقتصاديين بمختلف اتجاهاتهم سواء من الشرق أو الغرب.
وقبل التطرق إلى تعريف المؤسسة الاقتصادية سنقوم بتعريف المؤسسة بصفة عامة.
الفرع الأول: تعريف المؤسسة
تتمثل المؤسسة عموما في مجموعة من الطاقات البشرية والموارد المادية (طبيعية أو مالية أو غيرها...)، والتي تشغل فيما بينها، وفق تركيب معين وتوليف محدد، قصد انجاز المهام المنوطة بها من طرف المجتمع ([1]).
يختلف عند معظم الخبراء وهنا على سبيل المثال نذكر بعض التعاريف البارزة عند "شمبتر(Schumpeter)"المؤسسة تكون مركزا للإبداع ومركز للإنتاج، وعند "بيرو(Perroux)" تقوم المؤسسة بتركيب السلطات ([2]).
ويعرف ناصر دادي عدون المؤسسة على أنها:"كل هيكل تنظيمي اقتصادي مستقل ماليا، في إطار قانوني واجتماعي معين، هدفه دمج عوامل الإنتاج، أوتبادل السلع و الخدمات مع أعوان اقتصاديين آخرين، أو القيام بكليهما معا (إنتاج+ تبادل)، بفرض تحقيق نتيجة ملائمة، وهذا ضمن شروط اقتصادية تختلف باختلاف الحيز المكاني و الزماني الذي يوجد فيه، وتبعا لحجم ونوع نشاطه"([3]).
وفي تعريف آخر هي:" وحدة اقتصادية، مؤلفة من مجموعة أفراد متضامنين تربطهم علاقات معينة من أجل تحقيق هدف معين". كما يمكن اعتبارها "مجموعة أفراد وأموال لها كيان واقعي خاص تتمتع بالاستقلال والذاتية وتتكون من عناصر مختلفة يتم تعيينها في سبيل تحقيق غاية المؤسسة" ([4]).
ويمكن تعريفها أيضا: "المؤسسات هي عبارة عن تنظيمات اجتماعية غايتها تحقيق منجزات منظمة للوصول إلى أهداف جماعية" ([5]).
الفرع الثاني: تعريف المؤسسة الاقتصادية
المؤسسة الاقتصادية هي الوحدة الإنتاجية التي تقوم على أساس العمل الجماعي للعاملين فيها، والمزودين وبالموجودات المالية(الأصول المالية) والتي تعود ملكيتها للشعب.
والمؤسسة تكون الوحدة الأساسية في الاقتصاد الوطني وتعمل على انجاز المهمة المخصصة لها وفق خطتها المنبثقة من خطة الدولة العامة والتي تهدف إلى مزاولة الإنتاج وإعادة الإنتاج الموسع، كما انه عليها أن تقوم بدور المنتج السلعي الاشتراكي من قبل الدولة إلا أنها تتمتع بالاستقلالية من الناحية الحقوقية والاقتصادية ([6]).
ويمكن تعريفها أيضا أنها:"منظمة تضم وسائل مادية ومالية وموارد بشرية تستخدم من اجل تحقيق الربح ([7]).
- الموارد المادية: كالأراضي والمباني والمعدات؛
- الموارد المالية: كرؤوس الأموال المقترضة؛
- الموارد البشرية: كالموظفين والعمال؛
فالمؤسسة كمنظمة تعتبر في نفس الوقت هيكلا اجتماعيا واقعيا كمتعامل اقتصادي، وتتمتع بخصائص تنظيمية ومعنى هذا أن المؤسسة نظام مفتوح لان:
- المؤسسة مكونة من أقسام مستقلة مجمعة حسب هيكل خاص بها؛
- المؤسسة تملك حدودا تمكن من تحديدها وفصلها عن المحيط الخارجي؛
- المؤسسة تتكيف بوعي مع تغيرات المحيط بفعل القرارات المتخذة من طرف مسيريها.
وتسعى المؤسسة الاقتصادية إلى تحقيق الاستعمال العقلاني للموارد الاقتصادية المتاحة (المادية، والبشرية، المالية والنقدية) خلال ممارستها للنشاط الذي تتخصص به ([8]).
والمؤسسة هي وحدة تقنية، لأنها تقوم بالجمع بين عوامل الإنتاج المختلفة لإنتاج سلع وخدمات، وهي منظمة اجتماعية، لأنها عبارة عن مجموعة من الأفراد يتميزون بخصائص اجتماعية مختلفة، وهي خلية أساسية لأنها عبارة عن مجال سياسي ونظام مفتوح، لها علاقات مع البيئة التي تعمل فيها، وبذلك فهي تعبر عن مختلف الصراعات والتناقضات التي تخضع لها المؤسسة ضمن محيطها الداخلي([9]).
من خلال هذه التعاريف يلاحظ أن المؤسسة الاقتصادية:
- هي الوحدة الإنتاجية التي تقوم على أساس العمل الجماعي وتعود ملكيتها للشعب؛
- تهدف إلى مزاولة الإنتاج وإعادة توسيعه وتتمتع باستقلالها من الناحية الحقوقية والاقتصادية؛
- وهي على شكل منظمات مستقلة ماليا، تضم موارد بشرية ومادية تهدف لتحقيق الربح؛
- تعتبر خلية أساسية كونها عبارة عن مجال سياسي ونظام مفتوح.
مما سبق نستخلص أن المؤسسة الاقتصادية هي منظمة مستقلة ماليا ويمكن أن تكون وحدة إنتاجية تجمع فيها الموارد المادية والبشرية بهدف الإنتاج لتحقيق ربح.
الفرع الثالث: أنواع المؤسسات الاقتصادية([10])
للمؤسسات الاقتصادية أنواعا أو أشكالا مختلفة تظهر فيها تبعا:
- للشكل القانوني؛
- لطبيعة الملكية؛
- للطبع الاقتصادي.
أولا: أنواع المؤسسات تبعا للشكل القانوني:
1ـ مؤسسات فردية: وهي المؤسسات التي يمتلكها شخص واحد أو عائلته.
ولهذا النوع من المؤسسات مزايا أهمها:
- السهولة في التنظيم أو الإنشاء؛
- صاحب المؤسسة هو المسؤول الأول والأخير عن نتائج أعمال المؤسسة؛
ولهذا يكون دافعا له على العمل بكفاءة وجد ونشاط لتحقيق أكبر ربح ممكن؛
- صاحب المؤسسة هو الذي يقوم لوحده بإدارة وتنظيم وتسيير المؤسسة وهذا يسهل العمل واتخاذ القرار، كما يبعد الكثير من المشاكل التي تنجم عن وجود شركاء.
أما عيوب المؤسسات الفردية فهي:
- قلة رأسمال وهذا ما دام صاحب المؤسسة هو الذي يقوم لوحده بإمداد مؤسسته بعنصر رأسمال؛
- صعوبة الحصول على قروض من المؤسسات المالية؛
- قصر وجهة النظر وضعف الخبرة لدى المالك الواحد مما يعرض المؤسسة لمشاكل فنية وإدارية؛
- مسؤولية صاحب المؤسسة غير محدودة، فهي مسئول عن كافة ديون المؤسسة.
2 ـ الشركات: وتعرف الشركة بأنها عبارة عن المؤسسة التي تعود ملكيتها إلى شخصين أو أكثر يلتزم كل منهم بتقديم حصة من المال لاقتسام ما قد ينشأ عن هذه المؤسسة من أرباح أو خسارة.
وتنقسم الشركات بشكل عام إلى قسمين رئيسيين هما:
- شركات الأشخاص: كشركات التضامن وشركات ذات المسؤولية المحدودة؛
- شركات الأموال: كشركات التوصية بالأسهم والشركات المساهمة.
وللنوع الأول من المؤسسات، شركات الأشخاص، مزايا رئيسية هي:
- سهولة التكوين فهي تحتاج فقط إلى عقد شركائه؛
- نظرا لوجود عدة شركات يمكن أن يختص كل منهم بمهمة معينة فيسهل بذلك تسيير المؤسسة؛
- من خصائص المسؤولية التضامنية أنها تجعل الشركاء يتفانون ويخلصون في أعمالهم أكثر من أجل تقدم المؤسسة وبالتالي تحقيق الربح؛
- زيادة القدرة المالية للمؤسسة بسبب تضامن الشركاء كما تسهل أكثر إمكانية الحصول على قروض.
أما مساوئ شركات الأشخاص فهي:
- حياة الشركة معرضة للخطر نتيجة انسحاب أو وفاة أحد الشركاء؛
- مسؤولية غير محدودة للشركاء؛
- وجود عدة شركات قد يثير بعض المنازعات وسوء التفاهم وتناقص وتعارض بعض القرارات مما يعود بالسلب على المؤسسة؛
- في حالة حدوث منازعات أو سوء تفاهم تنشأ صعوبة بيع حصة أي منهم، كما تنشأ صعوبة التنازل عن حصة أي من الشركاء.
وبسبب مساوئ شركات الأشخاص السابقة الذكر، والتي في مقدمتها عدم استطاعة شركات الأشخاص تأمين المبالغ الضخمة التي تنفق على بناء المصانع وشراء الآلات والمعدات وتأمين الكميات الهائلة من المواد الأولية...
تم إنشاء شركات الأموال حيث سمحت للعديد من الأفراد أن يستشيروا ما لديهم من أموال في هذه المؤسسات. ومن هذه النوع من المؤسسات أنه لا أثر للاعتبار الشخصي فيها، كما أن اسمها يجب أن يشير إلى غايتها ورأسمالها مقسم إلى أسهم قابلة للتداول.
ومن المزايا هذه المؤسسات، شركات الأموال هي:
- مسؤولية المساهمون محدودة بقيمة أسهمهم أو سنداته؛
- إمكانية الحصول على القروض بشكل أسهل وأسرع؛
- حياة المؤسسة أكثر استقرارا؛
- إمكانات استخدام ذوي المهارات والكفاءات العالية.
أما مساوئ شركات الأموال فهي:
- ظهور البيروقراطية والمشاكل الإدارية الناجمة عن تعدد الرقابة بسبب كثرة المساهمين فيها؛
- تخضع إلى رقابة حكومة شديدة؛
- بسبب وجود حافز الملكية قد ينتج عن ذلك عدم الاهتمام الفعال بشؤون الشركة من قبل مسيريها غير المساهمين.
ثانيا: أشكال المؤسسات تبعا لطبيعة الملكية
1 ـ المؤسسات الخاصة: وهي المؤسسات التي تعود ملكيتها للفرد أو مجموعات أفراد (شركات، أشخاص، شركات أموال...)
2 ـ المؤسسات المختلطة: وهي المؤسسات التي تعود ملكيتها بصورة مشتركة للقطاع العام والقطاع الخاص.
3 ـ المؤسسات العامة (العمومية): وهي المؤسسات التي تعود ملكيتها للدولة فلا يحق للمسؤولين عنها التصرف بها كيفما شاءوا ولا يحق لهم بيعها أو إغلاقها إلا إذا وافقت الدولة على ذلك.
والأشخاص الذين ينوبون عن الحكومة في تسيير وإدارة المؤسسات العامة مسؤولون عن أعمالهم هذه اتجاه الدولة وفقا للقوانين العامة للدولة وتهدف المؤسسة العمومية من خلال نشاطها الاقتصادي إلى تحقيق مصلحة المجتمع وغيره وليس هناك أهمية كبيرة للربح (فربما تربح وربما تخسر أيضا) وإنما تعمل من أجل تحقيق أقصى ما يمكن من الأهداف العامة بمعنى تحقيق أقصى إنتاج أو تحقيق نصيبها المحدد في الخطة الوطنية ومن خلال ذلك يمكن أن تحقق الربح.
ثالثا: أشكال المؤسسات تبعا للطبع الاقتصادي
وينتج عن هذا التصنيف ما يلي: ([11])
1ـ المؤسسات الصناعية: وهي المؤسسات ذات الطابع الصناعي، ومنها المؤسسات الصناعية الثقيلة (كالحديد والصلب)، والتي تتطلب رؤوس أموال ضخمة ومهارات عالية لنشاطها ومنها مؤسسات الصناعات التحويلية أي الخفيفة (الغذائية)؛
2ـ المؤسسات الفلاحية: وهي المؤسسات التي تمارس الأنشطة الإنتاجية الزراعية فتقوم بعمليات الإنتاج الزراعي سواء كان إنتاج حيواني، إنتاج نباتي؛
3ـ المؤسسات التجارية: وهي التي تعمل في النشاط التجاري أي القيام بعملية توزيع السلع والخدمات؛
4 ـ المؤسسات المالية: وهي المؤسسات التي تقوم بالنشاط المالي كالبنوك ومؤسسات التأمين...الخ؛
5 ـ مؤسسات الخدمات: وهي المؤسسات التي تقدم الخدمات كمؤسسات النقل والعيادات الصحية ومكاتب الخبرات (الهندسية والمحاسبية...الخ).
المطلب الثاني: تعريف تأهيل المؤسسات الاقتصادية وأهم الأهداف والمزايا التي يتمتع بها
التأهيل حاليا أصبح أكثر المصطلحات اهتماما لكونه عملية تشمل المؤسسة ومحيطها. فهو يساعد على ترقية الاقتصاد وجعله أكثر انفتاحا ومنافسة سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي.
الفرع الأول: تعريف التأهيل
يتناول مجموعة من الباحثين تعريف التأهيل من عدة زوايا حيث تعرفه منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية سنة 1995 بأنه:" عبارة عن مجموعة برامج وضعت خصيصا للدول النامية التي هي في مرحلة الانتقال من اجل تسهيل اندماجها ضمن الاقتصاد الدولي الجديد والتكيف مع مختلف التغيرات" ([12]).
والاقتصادي "دوجلاس نورث" يعرف التأهيل بأنه: "عملية معقدة وتأخذ وقتا طويلا حيث أنها تتضمن مؤسسات القطاعين العام والخاص إضافة إلى المؤسسات الحكومية المساعدة، وهو ما يتطلب تغير في الأفكار والسياسات والقوانين والمفاهيم والإجراءات وعلى الدولة أن تضع خطة متوازنة واضحة وصريحة من أجل إيجاد أجع السبل لتمويل هذا البرنامج" ([13]).
فالتأهيل هو عبارة عن مجموعة الإجراءات والتدابير التي تهدف إلى تحسين وترقية فعالية أداء المؤسسة على مستوى منافسيها الرائدين في السوق ([14]).
وفي تعريف أخر التأهيل يعني تطوير المؤسسة من أجل أن تصبح قادرة على المنافسة من ناحية الجودة أو الكفاءة الداخلية في استخدام مواردها، حتى تضمن شروط البقاء وتحقيق مردودية اقتصادية([15]).
إن تأهيل المؤسسات يمكن وصفه بأنه مسار مستمر يستهدف تحضير وتكييف المؤسسات ومحيطها لمتطلبات التبادل الحر، اظف إلى ذلك أن الإجراءات الموضوعة في برامج التأهيل تهدف إلى رفع القيود التي تعيق محيط الأعمال(المؤسسات، القوانين...)، كما تحاول على جعل المؤسسات أكثر تنافسية من حيث ثلاثية التكلفة، الجودة، التجديد وتهدف كذلك إلى جعل المؤسسات قادرة على مواكبة تغيرات السوق والتطورات التقنية ([16]).
من هذه التعريف التعاريف يلاحظ أن التأهيل:
- عبارة عن مجموعة برامج وضعت للدول النامية وذلك لتسهيل اندماجه؛
- أنه عملية معقدة وتتطلب وقت طويل؛
- أنه مجموعة الإجراءات تتخذ لتحسين أداء المؤسسة؛
- هو تطوير المؤسسات لتصبح أكثر جودة لتضمن بقائها؛
- وهو أيضا عملية الهدف منها جعل المؤسسات أكثر منافسة لرفع إنتاجها.
نستخلص بشكل عام أن عملية التأهيل بمثابة إجراءات لتطوير المؤسسات الاقتصادية، وجعلها أكثر منافسة مقارنة بالمؤسسات الأكثر تطورا، والهدف منه تكييف المؤسسة مع محيطها ذلك من خلال ترقية أدائها والزيادة من فعاليتها وديمومة استمرارها، ويعمل أيضا على إدخال فكرة التطور أو بتعبير أخر مجموعة تدابير تنبع من إستراتيجية واضحة في التعامل مع محيط المؤسسة وإصلاحه.
ثانيا: أهداف ومزايا التأهيل([17])
لعملية التأهيل مجموعة من الأهداف المزايا يمكن أنتحققها كما أنها تعتمد علىمجموعة من الآلياتوالوسائل فيتحقق ذلك نوردهافيما يلي:
1ـ تعزيز تنافسية المؤسسات: حيثتمكن عملية تأهيل المؤسسات من إكسابها مزايا تنافسية التي يمكنأن تتأتى منخلال عملية التركيزوالتخصصوزيادة الخبرةوتنمية القدرات والكفاءات البشرية،كما تمكن عمليةالتأهيل من رفعالقدرات التنافسيةللمؤسسة وذلك ما يأتي من خلال تنميةمواردها بشكل عامسواء كانت مواردمادية أو بشرية أومالية أو معنويةبما تتضمنه من معارفومعلومات التي تعد جوهرامتلاك القدرات التنافسية وأساسالتفرد في ظل اقتصادالمعرفة، ويختلف مفهومالتنافسية باختلاف محلالحديث فيما إذاكان عن شركة، أوقطاع، أو دولة.
فالتنافسيةعلى صعيد منشأةتسعى إلى كسبحصة في السوق الدولي،تختلف عن التنافسيةلقطاع متمثل بمجموعة منالشركات العاملة فيصناعة معينة، هاتان بدورهما تختلفعن تنافسية دولة تسعىلتحقيق معدلمرتفع ومستدام لدخلالفرد فيها، وتحقيق معدلاتأكبر من النمو الاقتصادي، أي تنافسية الدولةبرفع المؤشرات الاقتصاديةالكلية والمتعلقة بالإنتاجوالنمو ونسب التشغيل ومتوسطالدخل الفردي ومستوى التنمية البشرية وغيرها منالمؤشرات التي تثبتمدى قدرة الاقتصاد الوطني على مواجهة المنافسة العالمية.
فالتنافسية على مستوى المؤسسة تعني القدرة على تزويد المستهلك بمنتجات وخدمات بشكل أكثر كفاءة وفعالية من المنافسين الآخرين في السوق الدولية، مما يعني نجاحاً مستمراً لهذه الشركة على الصعيد العالمي فيظل غياب الدعم والحماية من قبل الحكومة، ويتم ذلك من خلال رفع إنتاجية عوامل الإنتاج الموظفة في العملية الإنتاجية. كما تعرف أيضا على أنها تميز المنظمة على منافسيها بمركز فريد، تقديم منتج أو أكثر ويحقق ربحية أفضل، ومن المزايا التقليدية التي تعتمد عليها المنظمات هي تقديم منتج جديد متميز وامتلاك تكنولوجيا متطورة والحصة السوقية.
تنبع الميزة التنافسية للمؤسسة من القدرات والإمكانيات التي تمتلكها المؤسسة وكيفية استغلال وتوظيف هذه الأخيرة، ولهذا فان الأداء التنافسيللمنظمة يتحدد من خلال بعدين اثنين وهما القدرات التنافسية التي تملكها المؤسسة ودرجة فعالية الاستغلال لهذه القدرات، فإذا ما كانت المؤسسة تلك قدرات تنافسية عالية ومتميزة وتستغلها استغلالا امثلا ومتميزا تستطيع أن تحقق مركز تنافسي قوي ولأجل طويل من خلال تدعيم ولاء العملاء. أما إذا كانت قدرتها التنافسية ضعيفة واستغلالها غير فعال ومتميز فان مركزها التنافسي في الأجل الطويل سيكون ضعيف وذلك لان المؤسسة لا تستطيع امتلاك ميزة تنافسية وقدرات في الأجل القصير.
وحتى تؤدي عملية تأهيل المؤسسات إلى رفع وتعزيز تنافسية المؤسسة يمكن إتباع الإجراءات التالية:
- تكييف المؤسسات مع الظروف الحديثة للتسيير والتنظيم، خاصة التحكم في نوعية المنتجات والخدمات، ولهذا يجب إخضاع عملياتها لمفهوم الجودة الشاملة الذي يبنى على أساس تحسين خدمة العميل؛
- تدعيم مؤهلات المديرين، المسيرين، المستخدمين، المنفذين، وذلك من خلال جهود التنمية التي تركز على رفع قدراتهم ومهاراتهم وخاصة منها الذهنية والفكرية؛
- السعي إلى اكتساب تكنولوجية حديثة والعمل على تحقيق الريادة في هذا الشأن من خلال تدعيم الإبداع والابتكار.
2ـ تدعيم إمكانيات النمو والاستمرار للمؤسسة: تمكن عمليات تأهيل المؤسسات من زيادة قدرتها على النمو والتوسع في الأسواق ومن ثم الاستمرار والبقاء ففي خضم التحديات والتهديدات البيئية ومواجهتها وخاصة تلك المتعلقة بالعولمة واقتصاد السوق، ومن أجل التمكن من تحقيق ذلك يجب أن تركز على النقاط التالية:
- تحديد الاحتياجات الحقيقية للمستهلك والمنتج المحلي الأجنبي، حيث يجب استخدام مختلف الأساليب والأدوات التسويقية التي تمكن المؤسسة من الوصول إلى المستهلك والتعرف على احتياجاته والعمل على تلبيتها، وأكثر من هذا يجب العمل كسب رضا العميل وتدعيم ولائها تجاه المؤسسة؛
- تحديد مجالات تفوق المؤسسة والتركيز عليها في عملية التنمية والتدعيم، وهذا ما يكسبها القدرة العالية على خدمة العمل وتحسين خدمته من جهة ومن جهة أخرى يمكنها من تحسين الأداء ورفع فعاليته وزيادة القدرة على التجديد والتطوير؛
- العمل على تقليل التكاليف ومن خلال إجراءات إعادة هندسة الأعمال التي تؤدي إلى تصفية الوظائف والمصالح التي لا تكون المؤسسة بحاجة إليها، كما يجب إعادة توجيه أو خلق وظائف ومهام للأفراد الذين لم يكن لهم دور لمؤسسة بدلا من اللجوء إلى عملية التسريح، وهذا ما يأتي من خلال عملية التجديد والتطوير المدعومة بعملية الابتكار والإبداع؛
- اللجوء إلى عقود الشراكة التي تمكن المؤسسة من توسع حصتها السوقية وإكسابها مصادر تكنولوجية وكفاءات بشرية فعالة.
3ـ خلق مناصب الشغل : تؤدي عملية تأهيل المؤسسات إلى زيادة فعاليتها وتوسيع قدراتها ونشاطها الأمر الذي يؤدي إلى خلق وظائف ومهام جديدة متبوعا ذلك بخلق مناصب شغل جديدة، وهكذا يمكن لعملية التأهيل أن توفر مناصب شغل جديدة.
المطلب الثالث: متطلبات نجاح عملية تأهيل المؤسسات الاقتصادية
عملية التأهيل توفر جملة من المتطلبات والشروط، لذلك يجب تنظيم العملية لكل مؤسسة قصد ضمان نجاح عملية التأهيل ويمكن حصر أهم متطلباته فيما يلي:
الفرع الأول: تأهيل العنصر البشري:([18])
يعتبر هذا العنصر أساسي العملية الإنتاجية في المؤسسة ، لذلك يجب تكوين وتدريبه قصد تطوير مهاراته وإمكانيته الفنية ، فكل النفقات التي تصرفها المؤسسة لتأهيل العنصر البشري تعتبر مداخلات الجهاز الإنتاجي ، والتأهيل يكون من خلال الاحتكاك مع المؤسسات الأجنبية الرائدة للاستفادة من خبراتها ومعارفها من ناحية ، كما يتم أيضا من خلال الاحتكاك بين المؤسسات الوطنية فيما بينها من ناحية أخري ، يجب أيضا ترسيخ ثقافة التكفل بين أفراد المؤسسة وتنمية روح المبادرة والتبادل الحر للمعلومات في ما بينهم، والقضاء على كل المظاهر السلبية في التعامل مع الكفاءات كالإقصاء ، التهميش واللامساواة .
تنبع إذن ضرورة تأهيل العنصر البشري من الوعي بأهميته كأصل من أصول المؤسسة، خاصة بزيادة تأثير التكنولوجية على أداء هذا الأخير مما يستدعي التركيز علي تحسين إنتاجيته وذلك من خلال تطوير نظام تقيم أداءه والحصول على ولائه، فكل هذا يرفع من الإنتاجية ويحسن المردودية.
الفرع الثاني: تأهيل المحيط وتدعيم البنية التحتية
إن تأهيل المحيط وتدعيم البنية التحتية أمران ضروريان لتحسين أداء المؤسسة ورفع من القدرة الإنتاجية لها. فتمكن عملية تأهيل المحيط في إجراء تعديلات لكل الهيئات والأجهزة التي تتعامل معها المؤسسة، أما بالنسبة لتدعيم البنية التحتية يساعد على تحقيق أداء إنتاجي مميز للمؤسسة الاقتصادية مما يؤدي إلى تحسين وضعيتها التنافسية.
الفرع الثالث: تأهيل النظام المالي والمصرفي
إن البنوك والمؤسسات المالية شريك فاعل للمؤسسات الاقتصادية لأنها مجبرة على تمويل عند وجود نقص في مواردها، ولكن نسب فوائد البنوك المرتفعة والتدخلات البطيئة تعيق تأهيل المؤسسات الاقتصادية.
لذا يجب تأهيل الجهاز المصرفي وتفعيل دوره في تمويل النشاط الاقتصادي، عن طريق تحسين نوعية خدماته ومستوى موظفيه وإطاراته وإرساء قواعد تسيير شفافة وواضحة تعتمد على معايير موضوعية وتجارية فيمنح القروض البنكية([19]).
.
.
.
يتبع ...
ملاحظة: للانتقال للمباحث الأخرى يرجى الضغط على الروابط التالية
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
المبحث الثاني: دوافع وبرامج تأهيل المؤسسات الاقتصادية
المبحث الثالث: تجارب بعض الدول تأهيل المؤسسات الاقتصادية
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
0 التعليقات:
إرسال تعليق