-->
مرحبا بكم, نشكركم على زيارة موقعنا, نتمنى أن تكون قد حصلت على ما كنت تبحث عنه، ولا تنسى الإنضمام الى متابعي المدونة الأوفياء لتكون أول من يعرف بجديد مواضيعنا, دمتم في آمان الله .

جمالية البناء الفني في القصة القصيرة جدا مجموعة "أقواس" لسمية البوغافرية أنموذجا

جمالية البناء الفني في القصة القصيرة جدا مجموعة "أقواس" لسمية البوغافرية أنموذجا

بحث حول جمالية البناء الفني في القصة القصيرة جدا مجموعة "أقواس" لسمية البوغافرية

خطـــة البحث
مقدمة
مدخل

الفصل الأول : أنماط القصة القصيرة جدا وموقف النقاد منها

أنماط القصة القصيرة جدا 
موقف النقاد منها

الفصل الثاني: جمالية البناء الفني في مجموعة "أقواس"

مفهوم الجمالية
التعريف بالمبدعة سمية البوغافرية
أنواع البدايات
أنواع الجسد
أنواع العقدة
أنواع النهايات
خاتمة
قائمة المصادر والمراجع
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
مقدمة :
بعد أن تربع الشعر على أدبنا العربي لقرون، إلا أن هذه البضاعة في العقود الأخيرة قد أصابها الركود والبوار والكساد فحلت الرواية محل الشعر، وكان الإقبال عليها شديدا والسبب في ذلك هو انتشار التعليم، واهتمام الدرس الجامعي بالسرديات بصفة عامة وفي الرواية بصفة خاصة بيد أن القصة القصيرة جدا أعلنت انقلابها الفني على الرواية بشكل مفاجئ فأسقطت الرواية عن عرشها، واستطاعت أن تفرض نفسها في ثلاثة عقود متتابعة، من سنوات السبعين من القرن الماضي إلى يومنا هذا إضافة إلى ذلك الرغبة في التجديد و التجريب و الإنزياح وتكسير الطابع السردي بالبحث عن الأشكال السردية الجديدة فكان العثور على هذا الجنس الجديد.
ودون أن ننسى كذلك مدى التأثر بتراثنا السردي العربي القديم من جهة ، والإنفتاح على تجارب كتاب أمريكا اللاتينية الذين أظهروا مقدرة إبداعية هائلة في مجال القصة القصيرة جدا وما قدمه النقد العربي المعاصر من اهتمام بالقصة القصيرة جدا على مستوى التاريخ والتنظير والتطبيق والتشجيع انتشرت القصة القصيرة جدا في العراق وسورية مابين سنوات السبعين والتسعين ،سرعان ماانقلبت المغرب،في سنوات الألفية الثالثة ليحضنها بشكل جيد ويرعاها ابداعا ونقدا وتشجيعها وبذلك صار المغرب الحاضن الأول للقصة القصيرة جدا بدون منازع إلى يومنا هذا .
وأول من كتب في القصة القصيرة جدا في الوطن العربي "محمود علي السعيد"من فلسطين في بداية السبعين من القرن20 وضع في الغلاف الخارجي لمجموعته الأولى "الرصاصة" مصطلح "ق.ق.ج" سنة 1979م وبعدها انتشرت في العراق إلا أن هذا الجنس الأدبي لم ينتعش بشكل حقيقي إلا مع شبكة الأنترنت التي أعطتها دفعا قويا لهذا الجنس الأدبي وانتشرت أيضا في المغرب الأقصى حيث تعدى ذلك إلى التنظير وتحديث النقد وتنظيم المهرجانات الثقافية المتعلقة بالقصة ق.ج وهناك مبدعون آخرون ميمون حرش، جمال الدين الخضيري وعبد الواحد عرجوني وعبد الله زروال وسمية البوغافرية.
تتميز القصة ق .ج بقصر حجمها ويمكن للقصة الواحدة أن تتكون من عبارتان وأكثر، وضرورة المحافظة على الحبكة القصصية من بداية وعقدة وصراع وحل وتوازن و يمكن للمبدع أن يتصرف فيها بالزيادة والنقصان شرط أن تحتفظ على مقوماتها الأساسية الحجم القصير جدا، والصورة الومضة والمفارقة والإضمار وغيرها.
وللموضوع أهمية بالغة لأنها تكشف عن تعدد حقولها الدلالية وتمنح فعل التلقي قدرة عالية على إنتاج الرمز الذي تنهض به لتنبني الحكاية المسكوت عنها ويكتمل النص في ذهن المتلقي كلما أمضى في تأويل هذا الرمز وكشف أسراره فهي فن لا يبرع فيه إلا الكتاب القادرون على اقتناص اللحظات العابرة قبل انزلاقها على سطح الذاكرة .
وسبب اختيارنا للموضوع الموسوم بـ : "جمالية البناء الفني في القصة القصيرة جدا مجموعة أقواس لسمية البوغافرية أنموذجا "إن القصة القصيرة جدا نوع سردي جديد ذات صلة وثيقة بحياة الناس الواقعية بأحداثها و شخوصها.
و قد طرح هذا النوع السردي الجديد عدة إشكالات من بينها: ما هي الأنماط التي ترتكز عليها القصة القصيرة جدا؟ وما كان موقف النقاد منها؟ وكيف عرف الغربيون والعرب الجمالية؟ وماذا نقصد بالبدايات والجسد والعقدة والنهايات؟ وماهي أنواعها؟
وقد جاءت خطة الموضوع كالتالي:
مقدمة حول الموضوع
مدخل تحدثنا فيه عن مفهوم ونشأة القصة القصيرة جدا وأهم روادها في العالم العربي ثم قسمنا البحث إلى فصلين :
الفصل الأول: يشمل أنماط القصة القصيرة جدا وموقف النقاد منها أما
الفصل الثاني: تناول جمالية البناء الفني في مجموعة "أقواس" تحدثنا فيه عن مفهوم الجمالية بصفة عامة وكذا التعريف بالمبدعة "سمية البوغافرية" ودراسة في البناء الفني لمجموعة أقواس وتضمن أنواع البدايات وأنواع الجسد وأنواع العقدة وأنواع النهايات.
وفي الأخير خاتمة وقائمة المصادر و المراجع و الفهرس.

مدخل

القصة القصيرة جدا جنس أدبي حديث يمتاز بقصر الحجم والإيحاء المكثف والنزعة القصصية الموجزة والمقصدية الرمزية المباشرة وغير المباشرة، فضلا عن خاصية التلميح والاقتضاب والتجريب والنفس الجملي القصير الموسوم بالحركية والتوتر وتأزم المواقف والأحداث بالإضافة إلى سمات الحذف والاختزال والإضمار، كما يتميز هذا الخطاب الفني الجديد بالتصوير البلاغي الذي يتجاوز السرد المباشر إلى ما هو بياني ومجازي ضمن بلاغة الانزياح والخرق الجمالي.
ظهرت القصة القصيرة جدا منذ التسعينات من القرن الماضي استجابة لمجموعة من الظروف الاجتماعية والإقتصادية والسياسية و الثقافية المعقدة والمتشابكة التي أقلقت الإنسان وماتزال تقلقه وتزعجه ولا تتركه يحس بنعيم التروي والإستقرار والتأمل ، ناهيك عن عامل السرعة الذي يستوجب قراءة النصوص القصيرة جدا والإبتعاد عن كل ما يتخذ حجما أو مسهبا في الطول كالقصة القصيرة والرواية والمقالة والدراسة والأبحاث الأكاديمية ...كما لم نجعل المرحلة المعاصرة المعروفة بزمن العولمة والإستثمارات وتنافس الإنسان الحالي ولا سيما المثقف منه مستمدا في هدوئه وبطء وتيرة حياته، بل دفعته إلى السباق المادي والحضاري والفكري والإبداعي قصد إثبات وجوده والحصول على رزقه مما أثر كل هذا على مستوى التلقي والتقبل والإقبال على طلب المعرفة نشرت لذلك ظاهرة العزوف عن القراءة، وأصبح الكتاب يعاني من الكساد والركود لعدم إقبال الناس عليه كما بدأت المكتبات الخاصة والعامة تشكو من الفراغ لغياب الراغبين في التعلم و طلبة القراءة والمحبين للعلم والثقافة.
أطلق الدارسون على هذا الجنس الأدبي الجديد عدة مصطلحات ومصطلحات لتطويق هذا المنتوج الأدبي تنظيرا و كتابة والإحاطة بهذا المولود الجديد من كل جوانبه الفنية والدلالية، ومن بين هذه التسميات: القصة القصيرة جدا، ولوحات قصصية، ومضات قصصية، مقطوعات قصيرة ، بورتريهات، وقصص، وقصص قصيرة ومقاطع قصصية، و مشاهد قصصية، وفن الأقصوصة وفقرات قصصية، وملامح قصصية، وخواطر قصصية، وإيحاءات، والقصة القصيرة الخاطرة، والقصة القصيرة الشاعرية، والقصة القصيرة اللوحة...
وأحسن مصطلح أفضله للإصطلاحية التطبيقية و النظرية، وأتمنى أن يتمسك به المبدعون لهذا الفن الجديد وكذلك النقاد والدارسون هو مصطلح القصة القصيرة جدا لأنه يعبر عن المقصود بدقة مادام يركز على ملمحين لهذا الفن الأدبي الجديد وهما: قصر الحجم والنزعة القصصية.
ومن أهم رواد القصة القصيرة جدا نستحضر من فلسطين الشاعر والقصاص فاروق مواسي، ومن [1]سوريا المبدع زكريا تامر، ومحمد الحاج صالح، وعزت السيد أحمد، وجمانة طه، ومن المغرب نذكر حسن برطال في مجموعة من أقاصيصه المتميزة، وسعيد منتسب في مجموعته القصصية "الكرسي الأزرق". ومن تونس لابد من ذكر الكاتب الروائي إبراهيم درغوتي ومن السعودية فهد المصبح ومن الجزائر المبدعة أمال شتيوي في مجموعتها القصصية "قاب جرحين" [2].

الفصل الأول: أنماط القصة القصيرة جدا و موقف النقاد منها 

1- أنماط القصة القصيرة جدا: 

لقد تعددت أنماط القصة القصيرة جدا وهي: الحجم القصير جدا، التكثيف، الحذف والإضمار، فعلية الجملة، إنتقاء الأوصاف الصورة الومضة.

أ‌- القصصية :

تتوفر قصص هيفاء السنعوسي على مقومات الحبكة السردية المبنية على الحدث، والشخوص والفضاء والمنظور السردي والوصف والصيغة اللغوية والأسلوبية كما يبدو ذلك في قصة "قلق" التي تتحدث عن طفلة لقيطة ومن ثم تسند هذه القصة إلى بداية وعقدة وحل، وتحوي الشخوص (الطفل، الأم، الشيخ) كما نشير إلى الفضاء (البيت والمستشفى) والزمان (الليل) والأسلوب (السرد) والمنظور السردي (الرؤية من الخلف) صرخات الطفل توقضها من نومها تفتح الضوء الجانبي، مشوشة على طفلها في السرير المجاور، تتواصل صرخاته...
تتوجه إليه، تحمله بضعف، تلحظ بللا ...تعالج الموقف ببطء شديد تضع في فمه زجاجة الحليب...
تسحب الغطاء وتعطي وجهها، تغيب في ظلمة لا تود مغادرتها.
تأتي إلى ذهنها لوحة مؤلمة لرجل كبير يتهاوى على سرير الموت في المستشفى بعد صراع مع أمراض الشيخوخة... يختفي ويترك مراهقة في ثوب امرأة ([3])
وهكذا يتبين لنا ، من خلال القصة أن هذا النص القصير جدا قد استوحى كل العناصر الحبكة السردية التي تتوفر عليها القصة بصفة عامة والقصة القصيرة جدا بصفة خاصة.

ب-الحجم القصير جدا :

وظفت هيفاء السفوسي قصصا لا يتعدى حجمها نصف ساعة في أضموماتها الثلاث ، وبذلك تكتب المبدعة نصوصا متميزة تندرج ضمن جنس أدبي جديد هو جنس القصة القصيرة جدا كما يبدو ذلك جليا في قصتها (معادلة) التي تصور خوف الفتاة الجميلة من الموت المفاجئ أثناء الولادة "تلد فتاة جميلة بعد ساعات من المعاناة في حجرة الولادة...تملأ قطرات العرق جبهتها ... تنقل إلى حجرة أخرى ... يزورها زوجها ...تقرأ ملامح وجهه ... تبكي ...فقد عرفت أن والدتها التي تعرضت بالأمس لنوبة قلبية مفاجئة ... قد غادرت اليوم حجرة العناية الفائقة إلى عالم آخر([4]).

ج- التكثيف:

نعني بتكثيف القصة (إختزال الأحداث و تلخيصها وتجميعها في أفعال رئيسية نووية مركزة، والتخلي عن الوظائف الثانوية التكميلية، والإبتعاد عن الأوصاف المسهبة ،أو التمطيط في وصف الأجواء .
ونفهم من هذا أن القصة لابد أن تخضع لخاصية الإختزال والتركيز وتجميع أكبر عدد ممكن من الأحداث والجمل في رقعة طبوغرافية محددة، ومساحة فضائية قصيرة جدا، ولا يكون التكثيف هنا فقط على مستوى تجميع الجمل والكلمات بل يكون أيضا على المستوى الدلالي فتحمل القصة تأويلات عدة، وقراءات ممكنة ومفتوحة.
ويعد التكثيف أيضا من أهم عناصر القصة القصيرة جدا ويشترط فيه الدكتور يوسف حطيني "ألا يكون مخلا بالرؤى أو الشخصيات، وهو الذي يحدد مهارة القاص وقد يحقق كثير من القاصين أو الروائيين في كتابة هذا النوع الأدبي سبب قدرتهم على التركيز أو عدم ميلهم إليه([5]).
هذا وتستند معظم قصص هيفاء السفوسي ، سيمائي أضموماتها الثلاث إلى التكثيف القصصي والإيجاز في تفصيل الحبكة السردية، عن طريق التركيز على استهلال وجيز وطرح للعقدة بشكل مركز وتبئير لنهاية قد تكون مغلقة أو مفتوحة تحتاج إلى التحليل القرائي والتأويل الاستنتاجي والتفاعل الضمني بين النص والمتلقي.

د- الحذف و الإضمار:

تستند القصة القصيرة جدا إلى مكونات الإضمار والحذف باعتبارها من أهم الأركان الجوهرية للقصة القصيرة جدا، وينتجان كما هو معلوم عن طريق وجود نقط الحذف والفراغ الصامت وظاهرة التلغيز.
وهكذا يستعمل كاتب القصة القصيرة جدا لتقنية الحذف والإضمار من أجل التواصل مع المتلقي، قصد دفعه إلى تشغيل مخيلته وعقله لملء الفراغات البيضاء وتأويل ما يمكن تأويله لأن توضيح دلالات المضامين ومقصدياتها لا يمكن توضيحها أكثر من اللازم.
ويستعين الكاتب غالبا بالإيجاز والحذف لدواع سياسية واجتماعية وأخلاقية ولعبية وفنية كما أن ذكر بعض التفاصيل الزائدة التي يعرفها القارئ تجعل من العمل الأدبي حشوا وإطنابا لذلك يبتعد الكاتب عن الوصف، ويستغني عن الوقفات الوصفية في الكثير من النصوص، بل عن اللوحات المستهدية التي قد نجدها حاضرة في القصة القصيرة العادية أو النصوص الروائية .
وهناك قصة خاضعة لمكون الحذف والإضمار يظهر في تلك القصة التي تتحدث عن صراع المرأة مع المرآة والزمن معا، فيمتد ذلك الصراع المنقبض إلى ما هو نفسي وذاتي واللاشعوري. تنتهي مهمة اليوم الأول تنطلق خطوات تتخذ المهمة الثانية.
تتخيل نظرات الآخرين الكل ينظر إليها باهتمام كبير....
تترنح في مشيتها قليلا.
تنظر إلى نفسها في المرآة ...
تبتسم ثم ترسم علامة غضب وامتعاض ثم تبتسم مرة أخرى .
تنطلق الآن من أعماق قلبها حينما ترى زحف الزمن ، فهي تقترب الآن من الستين.
لم تفعل عمليات التجميل الشيء الكثير فقدت شيئا كبيرا بعد وفاة والدتها ...
لابد أن تخوض تجربة جديدة تشغلها في الأيام القادمة.
تتذكر المهمة الثانية التي تعتزم تنفيذها تعد اللحظة...([6])
لقد استطاعت الكاتبة الخوض في أعماق النفس الإنسانية للمرأة باستجلاء لشعورها عبر عمليات الإستبطان و التأمل الذاتي، وما يميز هذه القصة هو أسلوبها التلغرافي والارتكاز على الإضمار والحذف واستعمال خاتمة مضمرة، وبداية حديثة عند مدخل القصة كما نلتجئ إلى التدوير على غرار الكتابة الشعرية المعاصرة وذلك في نهاية القصة (تعد اللحظة و ...)

هـ - فعلية الجملة :

يلاحظ إبداعيا، أن كثيرا من كتاب القصة القصيرة جدا يكثرون من الجمل الفعلية، أو الجمل الإسمية التي خبرها جملة فعلية، أو يكثرون من الجمل الرابطية ذات الطاقة الفعلية ويعني هذا أن الجمل الفعلية تسهم في تفعيل الحبكة، وتأزيمها توترا وتعقيدا ودرامية، كما أن الجمل الفعلية الدالة على الحركة والحيوية والفعلية الحداثية من خلال نتائج الأفعال وتراكبها استرسال أو تضمينا، كما يبدو ذلك ظاهرا في هذه القصة "سحب الورقة الصغيرة من الجهاز الآلي، شعر بالغضب، قرر مراجعة موظف البنك ...جلس ينتظر دوره، وضع ساق على ساق ثم اعتدل في جلسته بعد أن لمحت عيناه فردة حذائه اليسرى المنهارة بسبب عامل الزمن ...نظر إلى ساعته ...طال انتظاره....نظر إلى ساعته مرة أخرى ... مرت ساعتان .... خرج بانفراج أزمة الطابور الطويل ...أعطى البطاقة للموظف، بطاقتي لا تعمل، استلم الموظف البطاقة، انسجم في قراءة بيانات مهمة ....هز رأسه عفوا ولكن لم ينزل راتبك الشهري بعد .([7])
تخضع هذه القصة لمعيار فعلية الجملة تراكبا وتتابعا وتعاقبا وتسلسلا ويعني هذا أن الجملة الفعلية هي الأصلح للقصة القصيرة جدا بناء وتركيبا ومقاسا.

و- انتقاد الأوصاف:

إذا كانت الرواية الواقعية تسهم في الوصف تطويلا واستطرادا وحشوا كما عند بلزاك وفلوبير وستاندال وهوباسان ونجيب محفوظ وعبد الكريم غلاب ومبارك ربيع و البشير خريف فإن من أهم المكونات القصة القصيرة جدا الإقتضاب في الوصف عن طريق الابتعاد عن الحشو الزائد وتجنب الإستطرادات الوصفية والتأملات الشاعرية وتفادي التكرار اللفظي والمعنوي والتقليل من النعوت و الصفات والابتعاد عن التمطيط في التصوير الوصفي صفحات وصفحات ومن هنا لابد من عملية الإقتضاب في الوصف تشديدا وانتقاء ولابد من الاقتصاد فيه إيجازا واختزالا وتدقيقا.
وفي هذه الحالة لا ينبغي للمبدع أن يستخدم في قصصه القصيرة جدا الأوصاف إلا إذا كانت معبرة تخدم السياق القصصي خدمة دلالية وفنية ومقصدية وألا يتحول الوصف إلى حشو زائد.
لذا يشترط في القصة القصيرة جدا التركيز على الوصف المقتضب والموجز مع إلغاء الزوائد اللغوية المعيقة وتشذيب الأوصاف المسترسلة المسهبة وفي هذا السياق تقول هيفاء السنعوسي في مجموعتها القصصية "إنهم يرتدون الأقنعة" ارتدى نظارته ليقرأ رسالة صغيرة كتبت بلون أحمر وضعتها زوجته قرب محفظته: حزمت أمتعتي ، وغادرت المنزل، لا أفكر في العودة أبدا فقد سئمت ارتداء الثوب الباهت الذي أطفأ أنوثتي كرهت المشاعر الصامتة لقد وجدت طريقا آخر في مكان آخر.([8])
نلاحظ انتقاء محكم للأوصاف والنعوت الوامضة والسريعة والخاطفة في أثناء عملية التصوير بعيدا عن الإطناب والتطويل والإسهاب وتعدد النعوت كما يتجلى ذلك بين في أوصاف هذه القصة المركزة (رسالة صغيرة، لون أحمر، الثوب الباهت، المشاعر الصامتة، طريق آخر، في مكان آخر)

ز- الصورة الومضة:

نعني بالصورة الومضة تلك الصورة الخاطفة المشعة ويعني هذا أنها تستند إلى التوهج والإبهار والإدهاش واللحظات اللامعة المشوقة عن طريق التأرجح بين الصور المشابهة وصور المجاورة والصورة الرؤية أي أن الصورة الومضة هي الصورة المركبة ومركزة ومختزلة تنبض بالإشراق الروحاني واللمعان الوجداني والتفاعل الحركي.
وتستخدم الصورة الومضة جميع الآليات التصويرية والتشخيصية كصور الانزياح وصورة التنكيت والتلغيز مع استثمار الاستعارة والمجاز وصور التشخيص والترميز والإيحاء والتضمين لخلق عوالم تخييلية فانطاستيكية وأسطورية وأجواء كاريكاتورية قوامها السخرية والاستهزاء بها هو كائن والتنديد بالواقع السائد مع استشراف ما هو ممكن و محال.([9])
تتجلى الصورة الومضة بنيانا وتجسيدا في مجموعتها (إنهم يرتدون الأقنعة) التي تتأرجح بين جنسي القصة القصيرة وجنس القصة القصيرة جدا وتردد هذه القصص القصيرة جدا تحت عنوان (ومضات قصصية) بمعنى أن الكاتب يتكئ على القصة الومضة وبالتالي فالصورة الومضة لا ترتبط بما هو بلاغي فقط بل تتجاوز ذلك إلى التركيب النحوي والإيقاع السريع حيث نجد الجمل الفعلية تتراكب بطريقة خاطفة وتتعاقب بسرعة وامضة كما يتبين ذلك جليا في قصتها (معادلة) التي تصوف خوف الفتاة الجميلة من الموت المفاجئ أثناء الولادة..."تلد فتاة جميلة بعد ساعات من المعاناة في حجرة الولادة ...تملآ قطرات العرق جبهتها ...تنقل إلى حجرة أخرى ...يزورها زوجها ....تقرأ ملامح وجهه ...تبكي... فقد عرفت أن والدتها التي تعرضت بالأمس لنوبة قلبية مفاجئة... وغادرت اليوم حجرة العناية الفائقة إلى عالم آخر.([10])
نلاحظ أن هذه الجمل الفعلية تتعاقب بطريقة خاطفة وتتراكب بشكل تتابعي سريع كما تتعاقب الصور السردية لتجسيد معاناة المرأة الولود مع جنينها وتصوير خوفها من شبح الموت التي تتوزع عبر جمل بسيطة وامضة ذات محمول فعلي واحد قد ساهمت بشكل من الأشكال في خلق القلق و التوتر و درامية الموقف وتأزيم المشهد الإنساني سوداوية ومأساة وحزنا.

2- موقف النقاد منها :

استطلاع آراء النقاد وكتاب حول القصة القصيرة جدا وتطوراته وأهم كتابه في الوطن العربي :
الناقد الأدبي الدكتور حسين حمودة "خلال العقود الثلاثة الماضية تصاعدت أشكال قصصية مثلت إختبار لحدود النوع القصصي القصير و ذهبت في ذلك مذاهب شتى تمثلت خلالها القصة القصيرة لغة الشعر وأدواته، واستلهمت روح (الأمثولة) أو الخاطرة أو اللوحة القصصية ...إلخ و تم طرح نتائج قصصي جديد و تم طرح نتاج قصصي جديد فرض نفسه فانتبه إليه النقاد وبدأوا يبحثون عن تسميات مناسبة له وعن سمات أساسية في تكوينه وخوض هذه الأشكال القصصية الجديدة قد بدأ في الأدبين العربي و الغربي في فترات شبه متقاربة يردها أغلب الباحثين إلى العقود القليلة الماضية وانتشر في العقود الثلاثة الماضية شكل (القصة القصيرة جدا ) انتشارا ملحوظا في عدد من البلدان العربية وكان قد انتشر انتشارا واسعا في الأدب المكتوب بالإنجليزية قبل ذلك بوقت قصير. ([11])
ويلفت إلى أن "القصة الومضة"Flash fiction أو "القصة المفاجئة"Soudden fiction "القصة المصغرة" "micro story" أو "القصة البريدية" Poste cardأو"القصة القصيرة جدا"Short short story بعد التأسيس اصطلاحيا في الأدب الغربي ابتداء من أوائل العقد الأخير من القرن العشرين وإن كان لهذا الشكل جذور قديمة تعود إلى خرافات"مايسون" وإلى "جولس تان" لسعدي الشرازي كما كان له إرهاصات إبداعية لاحت في بعض العمال لكتاب القصة القصيرة (الكلاسيكية) أوهنري، وكافكا، وهيمنغواي، وخوليوكورتشا وآرثر كلارك وراي براد بري، وفريدريك براون، وليدياديفير. و يضيف "فنيا هناك ما يصل بين القصة و الومضة وهناك من يلتمسون عناصر أساسية من القصة القصيرة لا تزال قائمة من القصة الومضة ما يميزها على مستوى عدد الخفية والإسناد ما لم يكتب في النص وليس على ما يتضمنه النص بالإضافة إلى طريقة "الوصل" بين الجمل التي تجعل القصة الومضة أيا كانت مساحتها أشبه بجملة واحدة "
وعن انتشارها في العالم العربي يشير حمودة إلى أن هذا الشكل الأدبي "شارع في بلدان عربية عدة كان منها سورية وفلسطين ومصر وأيضا وبوجه خاص المغرب العربي الذي اهتم عدد كبير من كتابه بالإبداع خلال هذا الشكل إلى حد بدا معه و كأن القصة الومضة هوى أدبيا مغربيا و اللافت أن الكتاب الذين خاضوا الكتابة عن الأدب العربي عبر هذا الشكل انتموا إلى أجيال متعددة فإلى جانب اسم نجيب محفوظ الذي كتب في هذا الشكل، فترة الثمانينات عمله (رأيت فيما يرى النائم)، ثم كتب نصه (إهداء السيرة الذاتية) في فترة التسعينات ثم كتب عمله الأخير (أحلام فترة التفاهة) في بدايات هذه الألفية نجد أيضا اسم زكريا تامر (في أكثر من مجموعة له) كما تجد أسماء تنتمي إلى تجارب وأجيال متنوعة منها من فلسطين: فاروق مواس، و محمود شقير و من سورية: عزت السيد أحمد، وانتصار بعلة، محمد منصور، إبراهيم خليط، فوزية المرعي ومن المغرب: حسن برطار، عبد الله المتقي وفاطمة بوزيان و من تونس: إبراهيم درغوثي ...([12])
وفي العقد الأخير في مصر برزت أسماء كثيرة لمبدعين ومبدعات كان اهتمامهن واهتمامهم الأساسي بالكتابة في هذا الشكل: القصة الومضة أو القصة القصيرة جدا و في مقارنة لوضع القصة القصيرة جدا ما بين العالم العربي و الغربي يوضح "لقد انتشر هذا الشكل في الأدب العربي خلال شبكة النت وكان له مواقع مهمة مثل "فلاش فيكشن أون لاين"
وفيستال ريفيو فضلا عن الاهتمام بنشره ورقيا على نطاق واسع، في كتب دوريات مهمة ومنتظمة مثل "المجلة الأدبية الكندية" وفي سياق الاهتمام العربي "القصة الومضة" هناك جوائز سنويا عدة تمنح للأعمال المكتوبة في هذا الشكل مقابل جائزة تقدمها "ساقية الصاوي" ثم مؤخرا جائزة الدولة التشجيعية بمصر ومن أهم هذه الجوائز المسمات Micro aword التي أسسها في بريطانيا روبرت لافلين سنة 2007م ولقد توالى نشر الكتب والمختارات المكتوبة عبر هذا الشكل كما توالي نشر الدراسات والكتب التي تتناولها بالتحليل خلال العقدين الماضيين ووصلت هذه وتلك إلى أعداد هائلة فجامعة "شستر" مثلا (وهي ليست من أهم ولا أكبر جامعات العالم) تصدر دورية منظمة خاصة بفن القصة القصيرة جدا هي :
The international short-Short story magazine-Flash fiction magazine
بينما يقول الديب منير حتيبة حائز جائزة الدولة التشجيعية في الآداب من مجموعته القصصية القصيرة جدا "روح الحكاية" القصة القصيرة جدا هي إبداع مقطع ، وذكاء في الكتابة و التلقي وعمق في الفكر و جمال في اللغة ، وهي أصعب كثيرا في كتابتها من القصة القصيرة ، ربما يكون السبب الأساسي في ذلك أنه كان الحجم أصغر كان الخطأ أكثر وضوحا وأقل قبولا ، أرى أن القصة القصيرة جدا تحمل روح الرياضيات والشعر ، فكل كلمة من كلماتها رمزه إشاري له دلالته المتعددة،كما أن تكثيفها الشديد هو تكثيف مجازي له ضلال وألوان لا نهائية ولا أظن أن الاتجاه إلى كتابتها من عدد كبير من الكتاب ومن أجيال مختلفة ،بسبب ضيق وقت الكاتب والقارئ ،فالوقت هنا مجرد عامل ثانوي ،لكني أعتقد أن هذا الاتجاه هوتعبير بعض السمات العميقة لما نسميه روح العصر"([13]).
وعلى عكس الكثيرين يرى عتيبة أن"التراث الإبداعي يقف بشدة خلف القصة القصيرة جدا مقصدا وجودها ، حيث أن الكثير من الأشياء قيل وبالتالي فالكاتب ليس بحاجة إلى إعادة ما قيل ، يكفيه إشارة موجزة ليستدعي ذهن القارئ تفاصيل كثيرة قرأها أدبا أو شاهدها سينما من قبل ،كما أن ارتفاع مستوى التعليم والثقافة والانفتاح على العالم من خلال وسائل الاتصال المتقدمة كالأنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية غيرت من نوعية القارئ الذي أصبح قادرا على فهم مراد الكاتب بسرعة ومن كلمات قليلة ،كما أنه لا يجب أن يقال له كل شيء، بل يريد أن يكون مشاركا ،ولذلك أصبحت القصة القصيرة جدا انتاج جهد مشترك من الكاتب والقارئ معا"([14]).
أما المأزق الثاني فهو أخلاقي بالأساس، وهو ما يمكن أن يطلق عليه (سيبويه القصة القصيرة جدا) حيث تعقد مؤتمرات للقصة القصيرة جدا بغرض (الاسترزاق) واستنزاف أموال الكتاب (لاحظ أن كثيرين منهم ليسوا بكتاب أصلا وبالتالي هم مستعدون لدفع بعض المال إذا كانوا سيحصلون على حضور مؤتمر وشهادة تقدير وتكريم تنشر صورته على "فيسبوك" كما أن بعض الناشرين يجمع عددا كبيرا من القصص لعشرات الكتاب بصرف النظر عن المستوى الفني للأعمال ويقوم بنشرها في كتاب جماعي يبيعه بسعر مرتفع وهو متأكد من الأرباح الطائلة التي سيجنيها لأن كل من ينشر له قصة في الكتاب سيشتري بعض النسخ ،مثل هذه الممارسات التي أسميها أخلاقية تضرب نفسه لأنها تعلي من مصالح خاصة على حساب الجودة الفنية مما يساعد في مزيد من ترويج الفن حتى يصبح الجيد كالقول والعنقاء والخل الوفي.
أما الناقد الدكتور محمد الضبع نائب رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب،"فيرى أن القصة القصيرة جدا فن قائم بذاته فلا يجب النظر إليها بوصفها تصورا لنوع القصة القصيرة المعروف شرقا وغربا ،تماما كما لا ينبغي النظر إلى السيناريو باعتباره فنا متطورا عن السرد عموما ".
ويضيف: "أي نعم لا يمكن ظاهريا الفصل المبدئ بين فن القصة القصيرة جدا وفن الأبيغرام الذي تحدث عنه طه حسين في العشرينات من القرن الماضي نقلا عن الأدب اليوناني، إلا أن القصة القصيرة جدا والقصة الومضة تختلف كثيرا عن الإيفرام اليوناني، وعن مضرب ومورد المثل والحبكة والقصص الحكمي كما كان في التراث العربي، وهنا فإن فن القصة القصيرة جدا لا يعد اختزالا للفنون السابقة "([15])
ويؤكد الضبع:"إنما هو شكل أدبي جديد له ضوابطه وآلياته وفنياته التي تعتمد على السرد المكثف المبني على اتساع الرؤية وضيق العبارة وكثافة المعنى والمعتمد على المفارقة في كثير من أبنيته وإن لم تكن المفارقة اللغوية فقط بالمفهوم الكلاسيكي وإنما باتساعها الذي يشمل مفارقة الحالة ومفارقة الدلالة ومفارقة البنية والمفارقة المشهدية وغيرها من الأشكال التي طرحتها الحداثة وما بعدها بتأثير من ثقافة الصورة والميديا والإعلام والتكنولوجيا والمعلوماتية وغيرها "ويشير إلى أنه "على مستوى النقد المواكب لهذا الفن، فن القصة القصيرة جدا، فإن الحركة النقدية العربية تخضع للعقلية العربية التي تنشغل كثيرا بالبحث عن أصول الأشياء والإختلاف حول أزمة التسمية والمصطلح، ناهيك عن الخوف من تجريب أي جديد ليست له مرجعيات تراثية، دون أن تستثمر الجهد المصدر في ذلك لصالح التقدم خطوة للأمام من أجل دراسة الوضع الحالي ورصد أبعاده وآلياته ومن ثم فإن الحركة النقدية قد تستغرق زمنا من أجل استيعاب أو قبول هذا الفن وعلى الرغم من ذلك فقد نجح أصحاب هذا الفن في استثمار تكنولوجيا التواصل الإجتماعي لمناصرته، وتكونت جماعات أدبية بتسميات مختلفة تنتمي إلى القصة القصيرة جدا، في بيئة الواقع الإفتراضي عبر الأنترنت، والخلاصة أن هذا الفن لم يستطع النقد أن يتعامل معه بالدرس التحليلي كما يجب وما يزال الباب مفتوحا لرصد أبعاده وتحديد جمالياته".
فيما يرى الدكتور شريف عابدين ممثل الرابطة العربية للقصة القصيرة جدا في مصر ومؤلف "القصة الوامض حصار المبنى إلى أفق المعنى" إن القصة القصيرة جدا فن راسخ في المغرب ومعترف به في العالم العربي كله، ويرى أن هناك تجارب هامة في المغرب العربي تعتبر تأسيسه في هذا الفن حيث تكونت رابطة القصة القصيرة جدا و من أبرز الكتاب حسن بقالي و جميل حمداوي وعزالدين المعزي وحميدة ومسلك ميمون والتي أثرت هذا الفن كما أن هناك عدة تجارب فردية في دول المشرق في مصر وفلسطين وسورية والسعودية، فمثلا في سورية: أحمد جاسم السيد ويوسف حطيني وهم من المؤسسين وفي مصر: منير عتيبة ".
ويرجع عابدين السبي في ذلك إلى تأثر فن القص المغربي بالثقافة الإسبانية والفرنسية التي ترسخ فيها هذا الفن بقوة ويوضح عابدين أن وجود تجارب غير ناضجة استسهلت هذا الفن وشوهت صورته وجعلت النقاد ينفرون منه وبالتالي جمهور القراء. ([16])
أما عن التسميات المرتبطة بالقصة القصيرة جدا كالقصة التويترية فيقول :"إن لها شروط أكثر من القصة القصيرة جدا ما يجعلها مفرطة في التكثيف وهي تكون في حدود 140 كلمة بينما القصة الومضة تكون في حدود 100 كلمة أما القصة القصيرة فتكون في حدود ألف كلمة ، والقصة الطويلة في حدود عشرة آلاف كلمة، فالتكثيف والإضمار والإيحاء من هذه القصة التي تتجه مباشرة إلى قلب الحدث أو جوهر السرد، وهنا تتسم الصورة السردية بالديناميكية في ظل وجود آليات تخيلية للتغلب على قلة الإمكانات المادية وآليات للتغلب على تقلص الزمان والمكان".
ويؤكد عابدين أن كثير من الكتاب يظنون أن التحدي في عدد الكلمات أو الأحرف فقط إلا أن التحدي الخاص بالقصة القصيرة جدا هو في أن اكتمالها يتم مع القارئ فهو الذي يتخيل الحكاية بشكل الأرسطي (المقدمة والعقدة والحل) من خلال الكلمات التي صاغها القاص وخصوصيتها في أنها تمد جسور التواصل بين السارد والمتلقي فهي فعلا تجسد مستقبل السرد.
وتلفت القاصة هناء عبد الهادي إلى أن فن القصة القصيرة جدا يعاني من معضلة التلقي سواء على مستوى النقاد أو على مستوى القراء قائلة :"معظم جيل النقاد الحاليين ينتمي للجيل القديم الذي يعتمد الرواية كفن السرد الأول، وهو مقبول لدى الشعوب العربية التي تعشق فن الحكي " وتؤكد على أن القصة القصيرة جدا هي فن مستقل بذاته عن القصة القصيرة وليست اختزالا لها، فهي تمثل تطورا يعكس تطور العصر التكنولوجي والسرعة في كل شيء و القصة القصيرة جدا خلفت جسورا من التواصل مع الجيل الجديد فهي تجعل السارد يصل لهم ويتحدث معهم بطريقتهم ويجذبهم للقراءة"([17]).
و تلقى عبد الهادي اللوم على النقاد في تجاهلهم للقصة القصيرة جدا و التشكيك فيها وكونها جنسا أدبيا مستقلا وتقول :"لابد أن تعترف أن الزمن يتطور وكل الفنون الأدبية والفنية تغيرت وتطورت فالقصيدة تطورت و الفن التشكيلي تطور كذلك ، تمثل القصة ق ج (تطورا إبداعيا أخذ قالبا جديدا)"و تِأكد أن "أهمما يميز القصة القصيرة جدا هوالتكثيف والإختصار والمفارقة فكل حرف وكل علامة ترقيم موظف كليا لخدمة النص"
أما الناقد المخضرم شوقي بدر يوسف فيصف القصة القصيرة جدا بأنها "الطفل المدلل على الساحة الأدبية فهي تحقق المتعة لدى الكاتب والمتلقي "إلا أنه يرى أن خطوة اعتماد جائزة من الدولة المصرية لها أمر سابق لأوانه لأنها لم تحقق قاعدة كتاب كبيرة بعد ويقول:"علينا أن نخصص عدة جوائز تساهم في اكتشاف كتاب مبدعين في هذا المجال ثم تتراوح ابداعاتهم في ما بعد بجائزة الدولة"([18]).
ويشير بدر إلى أنه لا توجد ثمة اختلافات كثيرة (ق ق ج) و (تويترية)و(الومضة) و(الشذرة) فهي النهاية لها نفس الشكل السردي إلا أن الإختلاف يظهر عند تأصيلها في المشهد السردي ورأيه الكاتب نفسه ويشير إلى أن القصة القصيرة جدا موجودة بشكل جيد جدا في العالم العربي وفي مصر أيضا لكن ينبغي على الحركة النقدية مواكبة تقدمها وإقامة مؤتمرات علمية لها.
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
لتحميل البحث في صيغة PDF يرجى الضغط على شعار المدونة أو على كلمة تحميل
نشر على جوجل بلس

معلومان عن Unknown

موقع مكتبة جيقا – GigaLibrary: هو موقع يعنى بشؤون الطلبة الجامعيين وطلبة الدراسات العليا والباحثين في شتى المجالات العلمية والأدبية والعلوم الإنسانية والاجتماعية وغيرها، نساهم في إثراء مجال البحث العلمي في الجزائر والوطن العربي، كما ننشر آخر الأخبار والمستجدات في هذا المجال، نحاول نشر مواضيع جديدة، وتوفير المواد للباحثين (أطروحات، كتب، مقالات، بحوث جامعية، وغيرها).

0 التعليقات:

إرسال تعليق