-->
مرحبا بكم, نشكركم على زيارة موقعنا, نتمنى أن تكون قد حصلت على ما كنت تبحث عنه، ولا تنسى الإنضمام الى متابعي المدونة الأوفياء لتكون أول من يعرف بجديد مواضيعنا, دمتم في آمان الله .

الدرس اللغوي في ضوء المقاربة بالكفاءات دراسة تقويمية - سنة أولى ثانوي أنموذجا - الفصل الثاني- المبحث الأول

الدرس اللغوي في ضوء المقاربة بالكفاءات دراسة تقويمية - سنة أولى ثانوي أنموذجا - الفصل الثاني- المبحث الأول

الفصل الثاني: الإجراءات الميدانية للدراسة 

المبحث الأول: الأنشطة اللغوية المساهمة في تنمية الكفاءة اللغوية 

الأنشطة اللغوية المساهمة في تنمية الكفاءة اللغوية

مدخل إلى فروع اللغة العربية: 

تعد اللغة العربية لغة عظيمة الأثر جلية القدر، نزل بها القرآن الكريم و بشرت بالإسلام شرقا و غربا فهي لغة ضمنت لنفسها البقاء، والاستمرار على مر الأزمة و العصور، كما يكفيها شرفا أنها لغة الدين الإسلامي، ويعتبر القرآن الكريم خير حافظ لها، حيث خصها الله عز وجل بالذكر في كتابه العزيز ووصفها بالإبانة في أكثر من موضع في القرآن الكريم يقول عز وجل: "ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي و هذا لسان عربي مبين"([1]) وقال أيضا:"بلسان عربي مبين"([2])، كما خصها النبي صلى الله عليه وسلم في سنته النبوية الشريفة و اعزها و أكرمها و هذا حينما سأله رجل عن سر إبانته و عظيم فصاحته فقال:"حق لي فإنما أنزل القرآن بلسان عربي مبين".([3]) 
لتحميل الدرس اللغوي في ضوء المقاربة بالكفاءات دراسة تقويمية - سنة أولى ثانوي أنموذجا - PDF - إضغط هنا
لذا فمن واجبنا الاعتناء بفروعها المختلفة كلنا بصفة عامة ،و القائمين عليها، وعلى إيصالها وتلقينها - المدرسين- بصفة خاصة ، غير أن ما يؤخذ عن اللغة العربية في وقتنا الحاضر هو ذاك التدني في مستوى متعلميها وكذا مدرسيها، و هذا ما أدى بالباحثين إلى إرجاع سبب هذا التدني إلى كل من المناهج و المدرسين و طرائق التدريس، فيطرح السؤال نفسه هنا كيف يتم تدريس هذه الفروع في ضوء المقاربة بالكفاءات ؟ 
وما دام بحثنا مقتصرا على مستوى السنة الأولى ثانوي، وبالتحديد الفرع الأدبي نتساءل عن الخطوات التي يتبعها المعلم أثناء عملية التدريس في ظل البيداغوجيا الجديدة، و للإجابة عن التساؤلات كان لزاما علينا التطرق إلى كل فرع من فروع اللغة العربية مبينين كيفية التجسيد الفعلي لهذه البيداغوجية ،وذلك باقتطاف نماذج من الكتاب المدرسي المقرر لدى تلاميذ السنة الأولى ثانوي مع تحليلها ومناقشتها، وهذه الفروع هي كالآتي: 
النص الأدبي والتواصلي، المطالعة الموجهة، القواعد اللغوية (صرف-نحو)، البلاغة، التعبير، النقد الأدبي، العروض.([4]) 

المطلب الأول: تدريس النصوص الأدبية والتواصلية في ظل المقاربة بالكفاءات: 

إن التدريس ـ كما متعارف عليه ـ هو" عملية التفاعل بين المعلم و المتعلم([5]) ويحدث هذا التفاعل أثناء العملية التعليمية والتعلمية التي تهدف للوصول إلى بناء معارف وأفكار ومبادئ لدى المتعلم مع إمكانية توظيف هذه المعارف والأفكار في وضعيات تعليمية أخرى، وما دام بحثنا يدور في فلك تدريس النصوص لدى تلاميذ السنة الأولى ثانوي، يجدر بنا التطرق إلى ماهية هذه النصوص، مع ذكر الأهداف المرجوة من تدريسها، والخطوات المتبعة أثناء تدريسها أيضا. 

1- ماهية النص الأدبي و التواصلي: 

إن الأدب فن مادته و أدواته الكلمة، ويقسم إلى قسمين رئيسين هما: 
النثر والشعر، فالنثر كلام غير موزون وغير مقفى، أما الشعر فهو كلام موزون ومقفى. 
أما تعريف النصوص الأدبية فهي :"عبارة عن قطع نثرية أو شعرية التي يتم اختيارها من مأثور الأدب وتتضمن أفكارا متكاملة مترابطة، والهدف من دراستها التذوق الأدبي، واعتمادها مصدر الاستنباط الأحكام الأدبية التي يتأسس عليها تاريخ الأدب في عصر من العصور"([6]) 
الدرس اللغوي في ضوء المقاربة بالكفاءات دراسة تقويمية - سنة أولى ثانوي أنموذجا - الفصل الأول - المبحث الأول - المبحث الثاني -
إن المتتبع لفهرس محتويات الكتاب المدرسي لسنة الأولى ثانوي، سيجد أن جميع نصوصه الأدبية قد قدمت وفق نظام محكم بمراعاة "زمن الأعصر الأدبية بالتدرج، ولكن ضمن حدود لا يتحول معها تاريخ الأدب الى غاية بذاتها، بل يبقى موضوعا في خدمة الأدب" ([7]) 
فمن خلال النص الأدبي الذي يعكس خصائص ومظاهر عصره، يتمكن المتعلم من معرفته بواسطة الدراسة والتحليل للنص الأدبي المعالج"وترمي هذه الدراسة إلى تنوير الفكر، وتهذيب الوجدان، وتصفية الشعور، وصقل الذوق، وإرهاق الإحساس"([8]) 
إضافة إلى "الإلمام بمعانيها والتمكن من تحليلها ونقدها وتقصي مواطن الجمال والخيال، والتعرف بخصائص أساليبها لذا فالنصوص تعد محور الدراسات الأدبية"([9]) 
أما النصوص التواصلية "فهي عبارة عن نصوص نثرية الهدف منها إثراء معارف المتعلمين حول المظاهر التي تناولتها النصوص الأدبية، يتم التركيز فيها على الناحية المعرفية، وعلى الوسائل الابلاغية المقنعة في التعبير"([10]) 
وما دامت هذه النصوص داعمة ومكملة للمعارف المتوصل إليها في النصوص الأدبية، فهذا يعني أنها لا تخل هي الأخرى من بعض الجوانب الجمالية التي يسعى الأستاذ لإستغلالها لتنمية ملكة المتعلم النقدية من خلال نقد الظاهرة التي يتناولها النص التواصلي. 

2- أهداف تدريس النصوص الأدبية والتواصلية للسنة الأولى ثانوي- الفرع الأدبي- ـ 

إن الهدف من تدريس هذه النصوص في هذه المرحلة هو تمكين المتعلمين من بناء معارفهم و ذلك من خلال: 
- إيقاف المتعلمين على مواطن الجمال الفني فيما يدرسون من نصوص أدبية. 
- تربية الذوق الأدبي لدى المتعلمين وإثارة رغبتهم في الدراسة الأدبية. 
- تعريف التلاميذ بالشعراء، وبيان خصائصهم الأدبية و الفنية. 
- تنمية الثقافة الأدبية وتزويد المتعلمين بالثروة اللغوية. 
- تهيئة الفرص المواتية للموهوبين لإظهار مواهبهم وتنميتها. 
- تعويد التلاميذ على جودة الإلقاء وحسن الأداء. 
- توسع فكر المتعلمين، وتزيد صلتهم بالحياة، وما يضطرب فيها من أنواع السلوك أو النشاط. 
- يفهم المتعلمين الطبيعة الإنسانية مصورة في الإنتاج الأدبي كالكرم، والبخل، والأمانة........ 
- تنمية خبرات المتعلمين من الجوانب الاجتماعية والخلقية والسياسية، لأن الأدب يمس الحياة من جميع جوانبها. 
الدرس اللغوي في ضوء المقاربة بالكفاءات دراسة تقويمية - سنة أولى ثانوي أنموذجا - الفصل الثاني- المبحث الأول - المبحث الثاني -
ولكن تحقيق جميع هذه الأغراض ليس بالأمر السهل، فتحقيقها يتطلب من المدرس امتلاكه لقدرات،وكفاءات، ودرايات عالية جدا، ليتمكن من تنفيذ درس النصوص على أكمل وجه وأحسن حال وفقا لمناهج المقاربة بالكفاءات، وفيما يلي سنحاول أن نشير الى المراحل أو الخطوات التي يتبعها المدرس أثناء تنفيذ درس في النصوص الأدبية ـ لأن النص الأدبي يشمل حتى النص التواصلي ـ وسنحاول أيضا وضع تصميم لنص مقتطف من الكتاب المدرسي، مجسدين من خلاله كيفية تنفيذ تلك الخطوات والمراحل أثناء عملية التحليل. 

3- خطوات تدريس النص الأدبي في السنة الأولى ثانوي في ضوء المقاربة بالكفاءات: 

ان تدريس النصوص الأدبية في حقيقة الأمر لا يخضع الى ضوابط و قوانين لأن النص الأدبي "هو فن و الفن لا يتقيد بقوانين و ضوابط تحكمه"([11]) 
فتدريسه دائما يتطلب إبداع واجتهاد من المدرس، فلكل نص أسلوب خاص وطريقة خاصة. 
لكن واضعي المناهج الجديدة قاموا بوضع جملة من الخطوات، ينبغي للمدرس اتباعها ليتمكن من تنفيذ درس النص الأدبي على أكمل وجه وأحسن صورة، وهذه الخطوات كالأتي: 
أ- يقوم المدرس قبل تنفيذ درس النصوص بتحديد الكفاءات المستهدفة منه، كما يقوم أيضا بتحديد الوسائل التي يتم الاستعانة بها في تدريس النص، كالاستعانة ببعض المعاجم و القواميس، ناهيك عن الكتاب المدرسي ،والسبورة،ووسائل أخرى .....و بعدها يعرج على إتباع المراحل الآتية: 
· التمهيد: يتم من خلاله طرح مجموعة من الأسئلة الهادفة لتعرف على صاحب النص من خلال الأسئلة الجزئية التي تقودهم الى التعريف به في مدة قصيرة جدا، وباختصار شديد "كلمة موجزة عن حياة الأديب و عصره فيما له علاقة بالنص"([12]) 
· تقديم موضوع النص: بمعنى عرض النص حيث "يعتمد الأستاذ في تقديمه على الإيجاز الهادف إلى إدخال المتعلمين في جو النص"([13])و بعدها يتم عرض النص المراد دراسته من خلال مطالبة التلاميذ بفتح كتبهم على الصفحة المتضمنة للنص. 
ب- قراءة الأستاذ لنص حيث يحرص الأستاذ أثناء عملية القراءة على ما يلي: 
- مطالبة التلاميذ بالانتباه على قراءته من أجل محاكاتها. 
- الوقوف أمام التلاميذ وقراءة النص قراءة تعبيرية نموذجية. 
- مراعاة قواعد اللغة النحوية والصرفية وحسن الإلقاء. 
- رفع العين بين الحين والآخر لمتابعة التلاميذ. 
ج- قراءة التلاميذ الجهرية والفردية لنص: فبعد قراءة المدرس يأتي دور التلاميذ حيث تقتصر قراءة كل واحد منهم على جزء من النص، فيعنى الأستاذ بتصويب الأخطاء حين وقوعها من طرف التلاميذ. 
د- إثراء الرصيد اللغوي: يتم من خلال القراءات الأولية لنص فيجتهد الأستاذ في تعيين المفردات والتراكيب اللغوية الجديرة بالشرح، فمعاني النص لا تفهم إلابفهم لغته، و اللغة مفردات، وتراكيب، و المعنى الخفي يكتشف من خلالهما، وهذا بشرح الكلمات المفتاحية من طرف المعلم شرحا مفصلا مركزا أما باقي الكلمات تشرح شرحا شفويا لتدعيم الفهم. 
ه- اكتشاف معطيات النص: يعمل المعلم على توجيه المتعلمين إلى اكتشاف "ما يتوفر عليه النص من معاني وأفكار، ومشاعر وانفعالات وعواطف وتعابير مجازية وأخرى حقيقية، والأساليب التي يتخذها الأديب وسيلة للإقناع وتأثير من موقف الأديب وغرضه من النص"([14]) ويتم هذا الاكتشاف من خلال الأسئلة التي تستهدف الوقوف على معطيات النص، وهذا من أجل تحسين المتعلمين، وإمدادهم بالمعطيات الواردة في النص. 
الدرس اللغوي في ضوء المقاربة بالكفاءات دراسة تقويمية - سنة أولى ثانوي أنموذجا - الفصل الثالث- المبحث الأول
و- مناقشة معطيات النص: "وهي أهم مرحلة في دراسة النص حيث يوضع المتعلم في وضعية تسخير مكتسباته ليسلط ملكته النقدية على المعطيات الواردة في النص، سواء تعلق الأمر بالمعاني والأفكار ،أم بأساليب التعبير المختلفة أم بجماليات اللغة العربية، على أن يكون النقد ابداعيا يعتمد تعيين الظاهرة، ثم تقييم مختلف أبعادها الفكرية والفنية في ضوء الرصيد القبلي للمتعلم"([15]) 
ي- تحديد بناء النص: في البداية يجب إقرار ،و تحديد نوع النص الأدبي: أهو حجاجي أم سردي أم وصفي أو تفسيري لأنه قد تكون هناك عناصر وصفية أو حجاجية أو غيرها تتخلل النص السردي أو العكس لأن من خصائص النصوص اللاتجانس، لكن رغم ذلك فإن نوعا ما يهيمن على الأنواع الأخرى و هوما يسمح بتحديد نمط النص، حيث يعمل الأستاذ على مساعدة تلاميذه من أجل تحديد النمط الغالب على النص، واكتشاف خصائصه، ثم تدريبهم مشافهة و كتابة على إنتاج نصوص من النمط المدروس. 
وعموما يتم تحديد بناء النص من خلال أسئلة تهتدي بالمتعلمين الى كشف نمط النص و تبيان خصائصه، مع تدريبهم على إنتاج نصوص موازنة لها في مواقف ذات دلالة. 
و- تفحص مظاهر الاتساق و الانسجام في تركيب و بناء فقرات النص: إن النص منتوج مترابط في أفكاره متوافق في معاينته، منسق، و منسجم ،و ليس تجمعا اعتباطيا للكلمات بل لابد من وجود روابط بين هذه الكلمات و الجمل، وحتى بين الأفكار من أجل التماسك الشديد بين الأجزاء، فالاتساق هو مشكلة النص، أما الانسجام فهو نظرة شاملة تضع في الحسبان مقاربة النص في البنية الدلالية و الشكلية، ودور المعلم هنا هو أن يعرف المتعلمين بعناصر الاتساق و الانسجام من باب الدراسة الجمالية للألفاظ و التراكيب اللغوية هذا من جهة، واطلاعهم على الأدوات المشكلة لتماسك النص، وكذا تدريبهم على محاكاة بناءها من جهة أخرى. 
ل- إجمال القول في تقدير النص: وتعتبر هذه المرحلة آخر المراحل في تحليل النصوص، حيث يتوصل الأستاذ بالتلاميذ الى تلخيص أبرز الخصائص الفنية و الفكرية للنص، مع إبراز خصوصيات أسلوب الكاتب و استنباط أهم القيم الواردة في النص. 

المطلب الثاني: تدريس المطالعة الموجهة في ظل المقاربة بالكفاءات خلال السنة الأولى ثانوي 

إن للمطالعة أهمية بالغة في التحصيل العلمي، فهي النافذة التي يمكن من خلالها الإطلاع على مختلف الحقائق و الأشياء في جميع المناطق و الميادين، و نظرا لأهميتها في التثقيف بصفة عامة، فإن المنظومة التربوية الجزائرية خصصت لها مكان و زمان كاف لتدريسها داخل فروع اللغة العربية في جميع مراحل الطور الثانوي بصفة خاصة، ومادام بحثنا مقتصر على مرحلة السنة الأولى ثانوي وعلى الفرع الأدبي، فإننا سنحاول أولا التعرف على ماهية المطالعة الموجهة، مع محاولة رصد و تحديد أهداف تدريسها خلال هذه المرحلة، إضافة إلى تبيان وتوضيح خطوات تنفيذ درس المطالعة الموجهة في ظل المقاربة الجديدة. 

1- تعريف المطالعة: 

لغة: جاء في لسان العرب لابن منظور في مادة (ط.ل.ع) الصيغ والمعاني التالية:"طلع الرجل على القوم وتطلع بمعنى هجم عليهم أتاهم، ومطلع الشمس هو الموضع الذي تطلع عليه الشمس، وأطلعتك طلعة أي أعلمتك، وطالعه إياه أي نظر ما عنده" ([16]) 
اصطلاحا: إن المطالعة هي:"عبارة عن عملية عقلية انفعالية واقعية تشمل تفسير الرموز التي يتلقاها القارئ ويفهم معناها، من خلال الربط بين الخبرة السابقة وهذه المعاني، فالمطالعة عملية مركبة تتألف من عمليات متشابكة يقوم بها القارئ وصولا إلى المعنى الذي قصده الكاتب"([17]) 
فعمل القارئ أو المطالع هو محاولة استنتاج هذا المعنى للاستفادة منه، في مواقف معينة خاصة تلك التي تتطلب إدماج وتسخير الخبرات والمعارف المختلفة، لهذا اعتبرت المطالعة الوسيلة والأداة الناجعة التي تزودنا بالمعارف المختلفة والآداب المتنوعة في شتى المجالات وعبر مختلف الأزمنة والعصور. 

2- أهداف تدريس المطالعة الموجهة خلال السنة أولى ثانوي: 

يسعى مدرس المطالعة خلال هذه المرحلة إلى تحقيق جملة من الأغراض لعل أهمها ما يلي: 
- تنمية قدرة التلاميذ على فهم المقروء والانتفاع به في الحياة العلمية. 
- قدرة تلاميذ على تحليل الأفكار الرئيسية التي يطالعها ونقدها. 
- قدرة التلميذ على نقد أسلوب الكاتب في بعض الأحيان وتكوين الأحكام النقدية على المقروء. 
- تمكين التلميذ من إعداد البحوث والتقارير وفق منهجية علمية . 
- اكتساب التلميذ لذخيرة لغوية مناسبة من ألفاظ وتراكيب لكي يرقى بها أسلوبه. 
وعموما فالمطالعة في هذه المرحلة تهدف إلى إثراء الرصيد اللغوي والمعرفي للمتعلم من خلال نصوص المطالعة، والتي يعمل الطالب خلالها على تقصي واكتشاف معطياته، لهذا كان للمطالعة الموجهة، من خلال هذه المرحلة "مقام ممتاز لاكتساب المعارف وتحصيل المعلومات والتزود من الثقافات المختلفة وتنمية الثروة اللغوية للمتعلمين وهي من أهم الوسائل لتربية ملكة الانتباه والإدراك لديهم وهي توسيع معارفهم وتنمي لغتهم وتزيد في خبراتهم وتصقل أذواقهم"([18]) 
ولكن من أجل تحقيق المطالعة الموجهة لجميع أغراضها وفوائدها، لابد من توفرها على خطة أو منهجية مساعدة على تنفيذ درس المطالعة وهنا نتساءل: 
ما هي الخطوات التي يسير عليها المدرس أثناء تنفيذ درس المطالعة الموجهة خلال هذه المرحلة ووفقا للمقاربة الجديدة؟ 

3- خطوات تنفيذ دروس المطالعة الموجهة وفقا للمقاربة بالكفاءات خلال السنة الأولى ثانوي 

لم تعد دروس المطالعة الموجهة تقدم كما كانت عليه في السابق بالاعتماد على الطريقة الإلقائية حيث كان الحل والعقدة يقع على عاتق المدرس وحده، فالأمر أصبح مختلفا خلال المقاربة الجديدة الذي صار مدرس المطالعة فيه موجها ومرشدا ومقوما لأعمال المتعلم، من خلال تتبع مراحل تعلمه ملتزما - في الغالب - بالخطوات التالية: 
· مرحلة التوجيه: وفي هذه المرحلة يوجه الأستاذ تلاميذه إلى المقتطف أو الأثر الذي يطالعونه ويحضرونه خارج القسم. 
· مرحلة مراقبة فعالية التحضير: حيث يقوم الأستاذ بطرح أسئلة محددة ليقف على فاعلية التحضير و نجوعه، فيتمكن من معرفة التلاميذ المحضرين من غيرهم. 
· مرحلة المناقشة وتعميق الفهم: وفيها يناقش الأستاذ تلاميذه فيما كلفوا به من أعمال 
- كتحديد الأفكار وتلخيصها والتعليق عليها. 
- استخراج الأحكام الواردة في النص وإبداء الرأي فيها. 
- القضية المعالجة ومدى صدق الحلول المقترحة . 
- مقومات النص الفنية وخصائصه. 
- نمط النص وخصائصه ونوع أسلوب النص وأثره في المعنى. 
· مرحلة استثمار الأثر: ويكون الاستثمار بالوقوف على 
- القيمة الأدبية والفكرية للنص 
- دراسة الخصائص التركيبة اللغوية لبعض الفقرات والجمل. 
- انجاز تدريبات لغوية. 
- إنتاج النص وفقا لأثر الدروس ([19]) 
وخلاصة القول أن تعود المتعلم على القيام بهذه الخطوات أثناء ممارسة هذا النشاط سيؤدي حتما إلى تفعيل موارده في مطالعة النصوص المختلفة وبالتالي يحاول أن يتقصى معناها في جو فعال تسيطر عليه نشوة الاكتشاف، الذي يستغل في مواقف أخرى من الحياة. 

المطلب الثالث: تدريس القواعد اللغوية في ظل المقاربة بالكفاءات خلال السنة أولى ثانوي: 

إن الكلام في القواعد اللغوية يعني به النحو والصرف باعتبارهما يمثلان القاعدة الأساسية في اللغة العربية، واضعه هو أبو الأسود الدؤلي، بطلب من الإمام علي (كرم الله وجهه)، وهناك روايات ترى أن الخليل بن أحمد الفراهيدي هو واضع علم النحو وأخرى عمر بن العلاء، وفي العموم هناك اختلاف كبير حول تأصيل هذا العلم. 
ونحن هنا لا يهمنا هذا بقدر ما يهمنا معرفة ماهية القواعد النحوية والصرفية التي سنحاول التطرق إليها وعلى طرق تدريسها وأهميتها. 

1- تعريف النحو والصرف: 

أ‌- تعريف النحو: 
· لغة: النحو لغة هو من فعل "نحا" حيث جاء في لسان العرب لابن منظور في مادة (ن.ح.ا) نحا الشيء ينحاه، وينحوه إذا حرفه ومنه سمي النحو لأنه يجري الكلام إلى وجوه الأعراب([20]) 
· اصطلاحا: فعرفه ابن جني بأنه "انتحاء سمت كلام العرب في تصرفه من إعراب وغيره كالتثنية والجمع والتكسير والإضافة والنسب والتركيب ليلحق من ليس من أصل العربية بأهلها في القصانة، وهو في الأصل مصدر شائع، أي نحوت نحوا كقولك قصدت قصدا، ثم خص به انتحاء هذا القبيل من العلم"([21]) 
ب‌- تعريف الصرف: 
· لغة: الصرف لغة جاد في لسان العرب في مادة (ص.ر.ف) على ما يلي: 
صرف: الصرف هو رد الشيء من وجهه و جاد في تنزيل الحكيم "صرف الله قلوبهم" بمعنى أضلهم مجازاة عن فعلهم، و الصرف الحيلة و التقلب، وتصريف الآيات، تبينها، وقيل الصرف هو بيع الذهب بالفضة، و الصرف كذلك الوزن والعدل والكيل ([22]) 
· اصطلاحا: 
والتصريف في الاصطلاح هو العلم الذي يعرف به أحوال الكلمة العربية جمالها من صحة، إعلال، قلب، أجدال، أصالة وزيادة، حذف وإدغام ربما يعرض لأخرها مما ليس بإعراب ولا بناء([23]) 
وخلاصة القول فإن النحو والصرف يرتبطان يبعضهما ارتباطا وثيقة وإنه لا يمكن أن نقوم دراسة ناضجة لأحدهما دون معرفة الشيء الكثير عن الآخر. 
أما عن اصطلاح التربويين وهو ما يهمنا في هذا الصدد فتعرف قواعد النحو والصرف بأنها "قواعد يعرف بها أحوال أواخر الكلمات العربية التي فصلت بتركيب بعضها مع بعض، من إعراب وبناء، وما يتبعها، ومراعاة تلك الأحوال بحفظ اللسان عن الخطأ في النطق، ويعصم القلم من الزلل في الكتابة و التحرير" ([24]) 
لهذا اعتبرت القواعد هي الوسيلة الأولى والوحيدة للحفظ الكلام مع صحة النطق به فهي القواعد تساعد على تقويم السنة المتعلمين من الوقوع في اللحن والخطأ وتعينهم في الكتابة والأدوار الحية والمميز للغة. 
وما تجدر الإشارة إليه "هو أن التلاميذ في مراحلهم الأساسية الأولى يجدون صعوبة في اكتساب هذه القواعد، وبالتالي ينحرفون و يعرضون عن دراسة اللغة العربية بجميع فروعها" ([25]) ومن هذا المنطلق وجب على المعلم أن يعمل بكل الطرق والوسائل لتسهيل مادة اللغة العربية للمتعلمين وتسيير هذه القواعد مع التركيز على النماذج المتصلة بحياتهم، واهتماماتهم وميولهم كما يعمل جاهدا على عرض المادة النحوية والصرفية بصورة مبسطة ميسرة مع ترك الوجوه الإعرابية المتداخلة ([26]) 
وبهذه الطريقة الجيدة للمعلم في إلقاء درس القواعد يجعل المتعلم في شوق مستمر إليها، كونه يغير الوسيلة بحسب الوظيفة التعليمية وطبيعة المعارف المقصودة. 
وإجمالا لما سبق، يمكن القول أن القواعد اللغوية تتجلى أهميتها في التعبير الدقيق والسليم من خلال استخدامها وبالتالي يستطيع المتعلم ترجمة أفكاره وأحاسيسه، وإن كانت هذه الفائدة الأولى من القواعد. يجدر بنا معرفة أهم الطرق التي يتم من خلالها إكتساب هذه القواعد مع كيفية تطبيقها والاستفادة منها. 

2- طرق تدريس القواعد اللغوية: 

إن تدريس القواعد اللغوية لها طرق وأساليب متعددة سنحاول التطرق إلى ثلاثة منها: 
أ- الطريقة القياسية: "تعتبر من أقدم الطرق في تدريس القواعد النحوية والصرفية، والقياس هو انتقال الفكر من الكل إلى الجزء ومن العام إلى الخاص، ومن المقدمات إلى النتائج فهي تبدأ بتقديم القاعدة النحوية ومن ثمة توضيحها ببعض الأمثلة المحددة والمباشرة من قبل المعلم وبعدها يأتي التطبيق فتعزز وترسخ القواعد في أذهان التلاميذ بتطبيقها على حالات مماثلة"([27]) ، ومنه نجد هذه الطريقة بشيء مجرد وهو ذكر القاعدة وبعدها استخراج واستنتاج النتائج الموجودة في الأمثلة المقدمة مع تعزيز الفهم بتمرينات تطبيقية، وعموما فهي تشمل أربع خطوات هامة هي كالآتي: "التمهيد، عرض القاعدة، تفصيل القاعدة ثم التطبيق."([28]) 
ولعل من أهم مميزات هذه الطريقة كونها سهلة وسريعة لأنها تتيح للمعلم التحكم في المنهاج المقرر وتوزيعه على مدار العام بسهولة ويسر. ([29]) 
كما وجب على المتعلمين الحفظ لاكتساب القواعد النحوية لأن الحفظ هو سبيلها الوحيد، وحفظ القاعدة هو الذي يعين على تذكرها. ([30]) 
لكن ما يعاب على هذه النظرية هو اقتصارها على الحفظ دون الفهم كونها تشغل عقل المتعلم عن التفكير والإبداع وبالتالي تصبح معلوماته عرضة للنسيان والزوال، كون المعلومة إن لم تدعم عن طريق التفكير أصبحت عرضة للزوال وصعبة الاستذكار، ومنه فالطريقة القياسية "ضارة وغير مفيدة لأنها تستغل عقل التلاميذ بحفظ القواعد واستظهارها على أنها غاية في حد ذاتها." ([31]) 
أ‌- الطريقة الاستقرائية: "الاستقراء هو الأسلوب الذي يسلكه العقل في تتبع مسار المعرفة ومدارجها ليصل به إلى المعرفة في صورتها الكلية بعد تتبع أجزائها." ([32]) 
وهذا إن دل على شيء إنما يدل على أن الاستقراء عكس القياس الذي ينتقل بدوره للفكر من الحقائق الجزئية البسيطة إلى الحقائق الكلية المعقدة عن طريق التحليل والاستنباط والاستنتاج. 
"وتعود جذور هذه الطريقة إلى الفيلسوف الألماني "فريدريك هاربات" في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، ومفادها أن الطفل يتعلم حقائق جديدة في ضوء خبراته السابقة، ويرتب الدرس خلالها إلى عدة نقاط وهي: المقدمة، العرض، الربط، القاعدة أو الاستنباط، التطبيق." ([33]) 
ففي المقدمة يقوم المعلم بتهيئة المتعلمين للدخول في الدرس، منوعا أساليبه، مستثيرا دافعيتهم للتعلم، مع طرح التساؤلات حول الدرس السابق من أجل تسهيل اكتسابهم للمعرفة الجديدة. 
أما في العرض -هو جسم الدرس- فيقوم المعلم بعرض الحقائق والمسلمات والمتمثلة أساسا في الأمثلة والشواهد حيث تستقرأ من طرف التلاميذ وبإعانة من طرف المعلم من أجل فهمها والتغلب على الصعوبات التي صادفتهم. 
"وتحديد الكلمات المستهدفة من الدروس التي ترتبط بالقاعدة ثم يوجه تلاميذه إلى النظر فيها ثم يبدأ مناقشتهم. 
أما مرحلة الربط فيقصد بها ربط الأمثلة بعضها ببعض، ويقصد بها أيضا، أن يربط الطالب بين ما تعلمه اليوم وما تعلمه في الأمس."([34]) 
وبالتالي يقوم المعلم مع التلاميذ بمناقشة تلك الأمثلة مع تبيان العلاقات فيما بينها فتتكون لدى المتعلم ما يشبه الحلقة المترابطة بين المعلومات. 
وفي استنتاج القاعدة النحوية يلجأ المعلم إلى طرح التساؤلات التي من شأنها أن تسهل على المتعلم استنتاج القاعدة. 
أما آخر مرحلة من هذه المراحل فهي مرحلة التطبيق، طبعا بعد استنتاج القاعدة نختتم بتطبيق يدعم ويرسخ القاعدة النحوية في أذهان التلاميذ، ويساعدهم على ممارسة ما تم تعلمه بإتقان. 
فالفهم الجيد للدرس يؤدي إلى حصول عمل جيد أثناء التطبيق والعكس صحيح. 

ج- تدريس القواعد اللغوية من خلال النص الأدبي المتكامل: 

تعتبر هذه الطريقة مكملة ومعدلة في نفس الوقت للطريقة الاستقرائية وهي المعمول بها حاليا في التدريس وفقا لمنهاج المقاربة بالكفاءات، حيث تتخذ من المقاربة النصية سبيلا لها، "فالنص يشكل محور الفعل التربوي لنشاطات اللغة العربية حيث ينطلق منه أثناء التحليل و يصل إليه عند الانتهاء."([35]) 
"إن ما يميز هذه الطريقة أنها تمزج القواعد باللغة نفسها، وتعالجها في سياق لغوي علمي وأدبي متكامل، وأنها تقلل من الإحساس بصعوبة النحو، وتظهر قيمته في فهم التراكيب، وتجعله وسيلة لأهداف أكبر هي الفهم والموازنة والتفكير المنطقي المرتب، زيادة على أنها تعتمد على القراءة وتجعلها مدخلا للنحو، وتجعل من تذوق النصوص مجالا لفهم القواعد لتمزج بذلك بين العواطف والعقل، وإن مزج النحو بالتعبير الصحيح يؤدي بطبيعة الحال إلى رسوخ اللغة وأساليبها رسوخا مقرونا بخصائصه الإعرابية، وهي أخيرا تدرب على القراءة السليمة وفهم المعاني وتوسيع دائرة معارف الطلبة وتدربهم على الاستنباط"([36]) 
و صفوة القول: إن تدريس القواعد وفق أسلوب النص هي الطريقة الناجعة والملائمة لتحقيق الأغراض من درس القواعد، بصفة خاصة والفروع اللغوية الأخرى بصفة عامة وهي عموما وجهة نظر المقاربة بالكفاءات. 
لذلك سنحاول التطرق إلى الأهداف المرجوة من تدريسها خاصة في المرحلة المشخصة للدراسة. 

3- أهداف تدريس القواعد اللغوية لدى تلاميذ السنة الأولى ثانوي الفرع أدبي: 

إن من أهم الأهداف التي يسعى الأستاذ لتحقيقها لدى المتعلم في هذه المرحلة من التعليم الثانوي هو اكتسابه الدرجة اللغوية الرفيعة التي لا تتحقق إلا بالممارسة، ولعل هذا هو السر في كون المنهاج اعتمد في تدريس قواعد اللغة على المقاربة النصية، ولهذا جملة من الأهداف منها: 
"- تدفع التلاميذ إلى التفكير وإدراك الفروق الدقيقة بين التراكيب والعبارات والجمل. 
- تنظيم معلومات التلاميذ اللغوية تنظيما يسهل عليه الانتفاع بها، ويمكنهم من نقد الأساليب والعبارات نقدا يبين لهم وجه الوضوح أو الغموض وأسباب القوة؟ أو الركاكة في هذه الأساليب. 
- تساعدهم على دقة الملاحظة والموازنة والحكم، وتكون في نفوسهم الذوق الأدبي لأن من وظيفتها تحليل الألفاظ والعبارات والأساليب، والتمييز بين صوابها وخطئها، ومراعاة العلاقات بين التركيب ومعانيها والبحث فيما طرأ عليها من تغيير. 
- تمدهم بتدريبات شفوية تكون مبنية على أسس منظمة من المحاكاة والتكرار حتى تترسخ الحقائق النحوية وتتكون العادة اللغوية الصحيحة وتحل محل النطق المغلوط أم المحرف. 
- تنزيل ما علق في أذهان المتعلمين من قواعد النحو الصعبة باقتصارها على الأحكام العملية ذات الصلة بلغتهم المنطوقة والمكتوبة. 
- التخلص من عناء حفظ الأحكام النحوية والصرفية الكثيرة التي لا يجنون منها إلا تعبا وإرهاقا." ([37]) 

المطلب الرابع: تدريس البلاغة العربية في ظل المقاربة بالكفاءات خلال السنة أولى ثانوي 

1- تعريف البلاغة اللغوية: 

أ‌- لغة: جاء في لسان العرب لابن منظور في مادته "(ب.ل.غ) أي بلغ الشيء يبلغ بلوغا، بمعنى وصل وانتهى، والبلاغة هي الفصاحة، فمن الناحية اللغوية إذن تعني الفصاحة كما تعني أيضا وصول الشيء إلى نهايته أو غايته"([38]) 
ب‌- اصطلاحا: اهتم القدامى والمحدثون بتعريف البلاغة، فنتج عن هذا الاهتمام رصيد كبير من التعريفات، فنذكر -على سبيل الذكر لا الحصر- تعريف الجرجاني الذي يعد رائد البلاغة العربية بدون منازع من خلال كتابيه "دلائل الإعجاز" و"أسرار البلاغة" حيث عالج في كتابه الأول أسرار إعجاز القرآن الكريم، وخلص إلى نظريته المشهورة "نظرية النظم" التي ساهمت في ظهور علم المعاني، أما في كتابه الثاني فتحدث عن أوجه البيان من "تشبيه، استعارة، كناية ومجاز" لهذا قسمت البلاغة إلى ثلاث أقسام: علم المعاني، علم البيان، علم البديع. 
فعرف الجرجاني البلاغة بأنها "وصف الكلام بحسن الدلالة و تمامها .... ثم تبرجها في صورة هي أبهى وأزين وأعجب وأدق بأن تستولي على هوى النفس وتنال الحظ الأوفر من ميل القلوب........"([39]) 
فالبلاغة بحسب الجرجاني هي أن يكون الكلام دالا، وتام الدلالة وفي صورة جميلة ومنتظمة، بحيث تؤثر في النفس المتلقية. 

2- طرق وأساليب تدريس البلاغة العربية في ظل المقاربة بالكفاءات: 

تدرس البلاغة العربية في ظل المقاربة بالكفاءات من خلال النص الأدبي أو التواصلي، ولكن قبل الخوض في غمار هذه الطريقة، نجد أنفسنا ملزمين ومجبرين للتطرق إلى بعض الطرق والأساليب التي كانت معتمدة في تدريسها ونخص بالذكر: 

أ‌- الطريقة القياسية: 

وهي أقدم الطرق على الإطلاق، وشبيهة بتلك التي كان يدرس من خلالها القواعد النحوية، والقياس -هو انتقال الفكر من القانون العام إلى القانون الخاص، ومن المقدمات إلى النتائج- والمعلم خلال هذه الطريقة يعطي القاعدة ويدعمها بمجموعة من الأمثلة وينهي مهامه بتمارين تطبيقية ليرسخ القاعدة في أذهان تلامذته. 
لكن هذه الطريقة لا تساعد على الإبداع والابتكار، بحيث أنها تجمد عقول الطلبة من ناحية التفكير وكذا تذوق جماليات الأساليب المختلفة. 

ب‌- الطريقة الاستقرائية: 

تقوم على الاستنباط والتحليل، حيث يقوم المدرس من خلالها بعرض الأمثلة والجزيئات وصولا إلى القانون العام أو القاعدة العامة، عكس الطريقة القياسية. 
فسيرورة الدرس خلال هذه الطريقة تتم بإتباع مجموعة من الخطوات*: 
· التقديم للدرس: كالتذكير بالدرس السابق وربطه بالدرس الجديد. 
· العرض: ويتم من خلال أمثلة ستقرأ من طرف التلاميذ وتناقش باشتراك الأستاذ. 
· الربط بين الأمثلة. 
· استنتاج القاعدة. 
· التطبيق على القاعدة المدروسة لترسيخها في أذهان الطلبة. 
- لكن هذه الطريقة وعلى الرغم من وجود تفاعل بين المدرس والتلاميذ إلا أن خصومها يرون أنها بطيئة في إيصال المعارف والمعلومات. 
لهذه الأسباب ظهرت طريقة جديدة في تدريس البلاغة، تعتمد على النص الأدبي، وهي محاولة لسد النقائص والثغرات التي كانت عالقة في الطريقتين السابقتين، وهي المنتهجة حاليا في تدريس البلاغة في جميع المراحل الثانوية وفقا لمنهاج المقاربة بالكفاءات. 

ج- طريقة تدريس البلاغة وفق أسلوب النص: 

إن تدريس البلاغة في نظر هذه الطريقة ليس مخالفا و لا معاديا للطريقة الاستقرائية بل يمكن اعتبارها مكملة ومعدلة لها. فوجه التعديل فيها هو أن الأمثلة أصبحت تستنبط من خلال النص الأدبي أو التواصلي المدروس، وليس أمثلة مستقاة من نصوص مختلفة ومتنوعة "فأصبح من غير المعقول أن ينظر إلى تدريسها بمعزل عن النص الأدبي، فيكون درسها خير مساعد على فهم الأدب وتذوق معانيه وإدراك بعض خصائصه والوقوف على أسرار جماله"([40]) ، فمعنى هذا أن فهم الظاهرة البلاغية يدعونا إلى فهم النص الأدبي أولا، لهذا يرى بعض الباحثين "أن الأدب لا يسمى أدبا إلا إذا اتسم بالبلاغة"([41]) وهو ما يوحي بوجود ترابط بينهما، فيعسر الفهم إن قدمت دروس البلاغة بمعزل عن النص الأدبي والعكس صحيح. 

3- أهداف تدريس البلاغة العربية لدى تلاميذ السنة الأولى ثانوي: 

يهدف تدريس البلاغة في السنة أولى ثانوي إلى: 
"تبصير المتعلم بالأسس والأصول التي تقوم عليها بلاغة الكلام وجودة الأسلوب من حيث الجمال والقوة والوضوح وروعة التصوير ودقة التفكير. 
- تربية الإحساس بقيمة اللفظ وأهميته في تأدية المعنى المناسب. 
- السمو بالإحساس والوجدان من خلال الوقوف على ما في الأساليب من روائع الكلام. 
- تنمية الذوق الأدبي للمتعلمين وإرهاف إحساسهم وتمكينهم من فهم الأدب فهما دقيقا. 
- إدراك قيمة الأثر الأدبي في النفوس، باكتشاف دروب المهارة الفنية للأدباء، وما يصوره أدبهم من حالات و انفعالات نفسية. 
- تمكين المتعلمين من المفاضلة بين الأدباء ومن الموازنة بين الآثار الأدبية"([42]) 
إضافة إلى هذا: تمكين الطالب من التفريق بين علم المعاني، علم البيان، علم البديع، مع حسن استخدام الصور البيانية أثناء الكلام. 

4- خطوات تدريس البلاغة وفق أسلوب النص الأدبي أو التواصلي في مستوى السنة أولى ثانوي: 

هناك مجموعة من الخطوات يتبعها المدرس لتنفيذ درس البلاغة وفقا لهذه الطريقة ويمكن رصدها فيما يلي : 

أ- التخطيط لدرس البلاغة: 

وهي أول خطوة يقوم بها المدرس "حيث يخطط لتنفيذ درسه، مع مراجعة المادة العلمية التي يحتاج إلى زيادة المعلومات فيها، فالتخطيط يتيح له تحديد مجالات الأنشطة التي يمكن أن يشارك فيها الطلبة أثناء أو خارج الحصة"([43]) 
فمدرس البلاغة مطالب برسم خطة لتنفيذ درسه مراعيا في ذلك بعض الجوانب منها: 
"- تحديد النصوص التي يختارها لأغراض التحليل والتذوق الأدبي. 
- تحليل النصوص المختارة، وفهم معانيها وتحديد ما فيها من مواطن الجمال والأسلوب البلاغي. 
- الربط بين الخصائص الموجودة في الأمثلة المستنبطة من النصوص. 
- إجراء موازنة بين النصوص من أجل إظهار ميزاتها. 
- تهيئة مقدمة ملائمة للدرس" ([44]) 
تدون هذه الخطوات من طرف الأستاذ في شكل مذكرة تربوية يستعين بها في تنفيذ درسه بكل سهولة. 
ب- التمهيد: 
وهي الخطوة الثانية حيث يتبعها المدرس أثناء عملية التدريس فيستهل الدرس بها "يقدم خلالها أمثلة لها صلة بالموضوع البلاغي من الأسئلة الشائعة في حياة الطلبة. أو يقدم بعض الأمثلة الجميلة ذات الصلة بالموضوع ويربط بينها وبين الأمثلة الشعبية."([45]) 
ج- عرض النص الأدبي: 
في هذه المرحلة يطلب المعلم من المتعلم الرجوع إلى النص الأدبي أو التواصلي، الذي يتضمن الظاهرة البلاغية، لأنها الطريقة المتبعة في المنهاج الجديد، حيث يعتمد على الكتاب المدرسي بشكل مطلق دون إحضار نصوص أو أمثلة من كتب أخرى. 
د- قراءة النص الأدبي و شرح معناه: 
"يبدأ المعلم بقراءة النص قراءة جهرية معبرة، وبعدها يستقرأ من طرف بعض الطلبة، ثم يبدأ المعلم بإثارتهم بأسئلة معينة حول النص أو يعطي مقدمات فيها إثارة للطلبة لحملهم على المشاركة في الدرس."([46]) 
ه- التذوق الأدبي: 
"هو إدراك فني لما تشتمل عليه النصوص الأدبية من أسلوب سهل، لغة سلسة وأفكار جميلة، فيحلل النص ـ الأدبي أو التواصلي ـ ليستخرج منه مواطن الجمال، ويمكن أن تجري في هذه المرحلة موازنة بين نص ونص آخر لتبيين الأجمل من ناحية التذوق الأدبي للطالب."([47]) 
و- استنتاج القاعدة: 
بعد ما مر على التلاميذ من العمليات السابقة، فتجدهم قد تعلق في أذهانهم أفكار، سيحاولون صياغتها في قالب معين بمساعدة طبعا المدرس، حيث يطلب منهم تحديد المفهوم البلاغي الذي يتبلور في أذهانهم وهذا من خلال درجة فهمهم وتذوقهم للنص، ثم تأتي مرحلة الاستنتاج وتدوين القاعدة. 
ي‌- التطبيق: 
هو نشاط ملازم في تدريس جميع الفروع اللغوية، وتكمن أهميته في ترسيخ القاعدة المتواصل إليها، والكشف عن مدى استيعابها وفهمها من طرف التلاميذ وبالتالي بيان الفروق الفردية الموجودة بينهم، ويأخذ التطبيق في درس البلاغة أشكال متنوعة منها: 
"- يطلب المدرس من التلاميذ تحديد أمثلة تتضمن الأسلوب البلاغي الذي تم دراسته. 
- يطلب من التلاميذ تحديد موضوع المفهوم البلاغي في نصوص يقدمها لهم. 
- يطلب من التلاميذ حل التمارين الموجودة في الكتاب المقرر. 
- يطلب من التلاميذ التمييز بين الأسلوب أو المفهوم الجديد والمفاهيم التي درسوها في نصوص يقدمها لهم."([48]) 
ومن خلال ما تقدم من خطوات كيفية تدريس البلاغة وفقا لأسلوب النص ـ الأدبي أو التواصلي ـ ارتأينا وضع تصميم لدرس في البلاغة وهو مقتطف من كتاب السنة أولى ثانوي -أدبي- وهذا بحسب ما تقتضيه بيداغوجية المقاربة بالكفاءات. 

المطلب الخامس: تدريس العروض لتلاميذ السنة الأولى ثانوي في ظل المقاربة بالكفاءات 

1- تعريف العروض: 

أ‌- العروض لغة: 
جاء في لسان العرب لابن منظور في مادة (ع.ر.ض) الصيغ والمعاني التالية: "عرض شيء عليه يعرضه عرضا أراه إياه و أظهره له." [49])) 
وقد أوصل اللغويون معاني لفظة عروض إلى أربعة عشر معنى منها: 
- "العروض: مكة والمدينة وما حولهما لاعتراضهما وسط البلاد. 
- العروض: الكثير من الشيء. 
- العروض: وسط البيت من الشعر أو البناء. 
العروض: اسم لعمان حيث كان يقيم الخليل بن أحمد......"[50])) 
ب‌- العروض اصطلاحا: 
"هو علم يعرف به صحيح الشعر من فاسده، وما يعتريه من زحافات وعلل، ولما كان علم العروض يكشف لنا صحيح الشعر من فاسده، كان لزاما علينا أن نمتلك أساسيات هذا العلم لنخرج شعرا يتناسب مع الموسيقى والوزن الشعري...." ([51]) 
يتفق علماء العربية تقريبا على أن الخليل بن أحمد الفراهيدي (100-170هـ ) هو واضع هذا العلم واستنبطه دون أن يتأثر فيه بأية أمة من الأمم الأخرى، حيث قام بوضع خمسة عشر بحرا وقد استدركه الأخفش ببحر سماه 'المتدارك' أو 'الخيب' فأصبحت ستة عشر بحرا. 

2- أهداف تدريس العروض في السنة أولى ثانوي: 

إن المتمعن في علم العروض اصطلاحا، يستطيع أن يستخلص فائدة علم العروض ومقدار الحاجة إليه حيث يهدف تدريس العروض في هذا المستوى إلى تحقيق جملة من الأغراض منها: 
"- تذوق موسيقى الشعر العربي. 
- استكمال الأوزان التي لم يدرسها التلميذ في المتطلبات الأساسية السابقة."([52]) 
"- تمكينهم من التمييز بين صحيح الشعر وفاسده، لأن العروض هو ميزان الشعر الذي يسمح بذلك التميز. 
- اطلاعهم على الخصائص الموسيقية الجيدة، لأوزان شعرية."([53]) 

3- خطوات تنفيذ درس العروض وفق منهاج المقاربة بالكفاءات في السنة أولى ثانوي: 

"إن طريقة تدريس العروض وفقا للمقاربة الجديدة لا يتم بمعزل عن النص الأدبي، وإن تدريسه بطريقة عقيمة بفصله عن النص الأدبي وبإرهاق المتعلمين بسيل المصطلحات الغربية والبحور الشعرية بدا للمتعلمين وكأنه طلاسم وألغاز."([54])، لذا وجب تدريس هذا الرافد اللغوي -العروض- وإلحاقه بمسرح الدراسة الكاملة للنص الأدبي. 
ومنه فإن تنفيذ درس العروض وفقا لهذه المقاربة يستوجب على المدرس أن يتبع جملة من الخطوات و من أهمها: 
أ- التمهيد: 
ويكون بمراجعة حقيقية للدرس الماضي أو حتى التطرق إلى أبيات من النص الأدبي ليتمكن التلميذ من ربطه بدرس العروض . 

ب- عرض الأبيات الشعرية وقراءتها: 

حيث يقوم الأستاذ بتحديد الأبيات المستهدفة للدراسة مع قراءتها بحيث "يقرأ البيت محل التقطيع قراءة إنشادية ويراعي المقاطع الصوتية بكل تفصيل، مع محاولة إظهار المميزات الإيقاعية للبحر"([55]) وهذا ما يؤدي بالتلميذ إلى الوصول للكتابة العروضية السليمة والصحيحة. 

ج- التقطيع العروض للأبيات: 

بعد القراءة النموذجية للمعلم، يطلب من المتعلمين تقطيع الأبيات وكتابتها كتابة عروضية مراعين الإيقاع الذي اتبعه الأستاذ، وبعد وصول التلاميذ إلى الكتابة العروضية الصحيحة "يقوم الأستاذ بتوزيع جدول البحور الشعرية بهدف اكتشاف نسبة مجموع التفعيلات بالنسبة للبحر المناسب" ([56]) 
وهنا لا يكتمل دور المعلم عند معرفة تفعيلات البحر فقط بل يتجاوزه إلى محاولة اكتشاف جوازات هذا البحر وأهم العلل والتغيرات التي تطرأ عليه وبذلك يكمن استكمال تقطيع كافة الأبيات المنتقاة للدراسة. 
د- التطبيق: 
و سميت هذه الخطوة أيضا "اختبار المعرفة الفعلية، ففي هذه المرحلة يقوم الأستاذ بعرض مجموعة من الأبيات الشعرية على الطلبة مع إلزامهم بتقطيعها وتحديد بحرها والجوازات الشعرية المختلفة التي لحقت به ([57]) 

المطلب السادس: تعليمة التعبير في ضوء المقاربة بالكفاءات 

التعبير هو الوسيلة اللغوية الأولى التي ينقل بها المرء ما لديه من أفكار أو أحاسيس إلى الآخرين، فالتحدث هو وسيلتنا لتحقيق حياتنا الاجتماعية وعلى الرغم من هذه الأهمية الكبيرة فإن مدارسنا لا توليه العناية الكافية، بل تهمله أحيانا كثيرة، ولا تدرب الطلبة عليه، ظنا بأننا لسنا بالحاجة إلى مثل هذا التدريب، وإنا جميعا نتحدث وليست لدينا مشكلة في ذلك ولكن كثيرا من الناس يجد نفسه في ورطة بسبب سوء اختيار الكلمة، أو لعدم مناسبة نغمة صوته للمعنى المقصود في فهم كلامه بمعنى يختلف عما يريد فكثير من سوء الفهم والمشكلات بين الناس تعود إلى أخطاء في التحدث. ([58]) 
ونرى أيضا أن الإهمال شمل مدارسنا بدرجة حادة في تقويم التعبير الشفوي، فلا يعطيه المعلم أي اهتمام داخل المدرسة لضعف معرفة المعلم بالأسلوب الصحيح لتقويمه، فمعظم المعلمين يتركون الطلبة يتحدثون ويتخبطون في أحاديثهم من دون تصويب، ويركزون في تقويمهم للتعبير الشفوي على القواعد النحوية، وسلامتها، من دون النظر إلى تناول الأفكار وتطويرها، أو التعرض لمهارات التعبير الشفوي من نطق سليم، أو صوت معبر، أو ترابط الأفكار وصحتها وتناسقها أو شخصية المتحدث. 

أ- التعبير الشفوي: 

ينبغي النظر إلى نشاط التعبير الشفوي على أنه رافد قوي للتعبير الكتابي ولهذا وجب 
الاستعداد له بكل ما يستحق من العناية والرعاية. 
وإن إدخال هذا النشاط في المقرر إنما جاء استجابة لعلاج ما يعاني منه المتعلمون من قصور في لغتهم الشفوية وذلك نتيجة الإقبال المفرط على التلفزة وأشرطة الفيديو وتطلع إلى الانترنت والإعلام الآلي........إلخ. 
لهذا فقلت العناية بالقراءة والمطالعة ومن ثمة ضعف وازع التعبير بنوعية الشفوي والكتابي. 
وبما أن نشاط التعبير الشفوي يؤدي دورا حيويا في حياة الإنسان بوصفه عضوا في المجتمع فإن التعامل الإيجابي للإنسان مع محيطه الاجتماعي لا يتم إلا عن طريق التحكم فيه.([59]) 
إذ إن التعبير الشفوي يعد وسيلة للتواصل مع الآخرين لتحقيق مطلب أو إكتساب معرفة فهو يؤدي إلى تقوية الروابط الفكرية والاجتماعية على صعيد الأفراد والمجتمعات القريبة والبعيدة، والتعبير الجيد يساعد الفرد على تحقيق ذاته وشخصيته، فالذي يستطيع نقل فكرة ما إلى الآخرين بفصاحة وسهولة من خلال عبارة دقيقة وموجزة ينال رضا الجميع فتزداد ثقته بنفسه و قدراته. 
فالتعبير الشفوي من الأعمال الشاقة التي لا تنال بسهولة، فهو عمل معقد ومركب من عمليتين رئيسيتين هما : 
· التحليل: 
و فيه يعود الطالب إلى رصيده اللغوي ويبحث عن الألفاظ أو الوحدات التي تمكنه من التعبير عن المعاني التي ظهرت في ذهنه. 
· التركيب: 
و فيه يؤلف الطالب من هذه الألفاظ أو من هذه الوحدات جملة أو عبارة تشكل بناءا نصيا متكاملا تأسس له نفسه. 

ب- التعبير الكتابي: 

وهو ضرب من تقييم قدرة المتعلم على إدماج مكتسباته القبلية، من وجهة نظر المقاربة بالكفاءات، ومن هنا قد يسأل سائل ما الفرق بين التعبير الكتابي في ظل البيداغوجيا التلقينية والتعبير الكتابي في ظل المقاربة بالكفاءات؟ 
إجابة عن هذا السؤال المشروع، جدير بالذكر القول بأن الفرق يظهر في صوغ الموضوع، حيث في البيداغوجيا التلقينية لا يصاغ الموضوع بدلالة دفع المتعلم إلى استغلال مكتسباته القبلية المتعلقة بالكفاءة المرسومة والإيفاء به، أضف إلى ذلك أن موضوع التعبير في ظل المقاربة بالكفاءات يصاغ بدلالة جعل المتعلم في وضعية مشكلة زيادة على وصفه في موقف إدماج مكتسباته. 
و على العموم، فإن التعبير الكتابي من منظور المقاربة بالكفاءات ليس نشاطا لغويا معزولا عن باقي نشاطات اللغة، بل هو متشابك ومتداخل في مهاراته اللغوية مع نشاطات اللغة الأخرى إلى حد كبير، فهو متشابك مع القواعد النحوية والصرفية، متشابك مع الإملاء والخط، متشابك مع الأدب والنصوص، متشابك مع البلاغة، وما يجدر ذكره أن التعبير الكتابي بتوضيحه فروع اللغة هذه يعد غاية في حد ذاتها، وهذه الفروع هي وسائل مساعدة، ومعنى هذا أن التلميذ يقدر تقدمه ونمو ملكته في هذه الفروع يكون تقدمه، ونموه مهارات في التعبير الكتابي ([60]) 
و التعبير ليس فقط مجموعة من المهارات اللغوية بل لديه بعدا آخر وهو البعد المعرفي والذي يرتبط بتحصيل المعلومات والحقائق والأفكار والخبرات عن طريق المطالعة المتنوعة الواعية، وهذا البعد المعرفي يكسب الطالب عند الكتابة الطاقة اللغوية والقدرة على بناء الفقرات وترتيبها وعمقها. 

الخطوات أو المعايير التي يعتمد عليها التلميذ لتجنب الوقوع في الأخطاء: 

ليكون تعبير التلميذ سليما من الأخطاء لابد له أن يعتمد على مجموعة من المعايير وهي : ([61]) 

1- اختيار الألفاظ المناسبة للمعنى: 

الكلمات المترادفة فيما ليست متطابقة في المعنى تماما، وإنما هناك ظلال للمعاني تختص بها كل كلمة فللحرب أسماء كثيرة"الهيجاء، الوغى، الرحى، المعركة، الوهج..." كل منها يحمل مدلولا خاصا، لذا يجب أن يتدرب التلاميذ على استخدام الألفاظ الدالة على المعنى المقصود زيادة على ما فيه مصطلحات التخصص من دلالات لا يجوز استخدام مصطلح مكان مصطلح لأن ذلك يقود إلى سوء الفهم. 

2- تنويع الألفاظ وعدم تكرارها بصورة مقاربة: 

قديما قال البلاغيون: "لكل مقام مقال"، وهكذا يتعلق برصيد المتحدث اللغوي، فمن النقص تكرار لفظة معينة في كل سطر وعليه التنويع في الألفاظ يدل على ثروته اللغوية، وقدرته على توظيف المفردات بلا تكرار ولا ممل. 

3- تجنب الألفاظ العامية: 

الطالب يسبح في جو لغوي يسيطر عليه اللحن ويشجع فيه الأساليب المحرفة، لذلك كان من الواجب كما أكد ذلك ابن خلدون اصطناع هذا المناخ اللغوي السليم، واتخاذ الوسائل التي توصل إلى إجادة هذه الملكة اللسانية بقدر الإمكان ثم النسج على هذا المنوال الفصيح وتجنب المفردات العامية. 

4- ترابط العبارات وعدم تفككها باستخدام أدوات الربط المناسبة: 

المعنى يمكن أن يعبر عنه بأكثر من تركيب، والتراكيب تتمايز فيما بينها من حيث القيم الجمالية و الدلالة البلاغية، لذلك على المتحدث أن يحرص على تقديم المعنى بأفضل شكل لفظي من دون أن يطعن أحدهما على الآخر. 

5- اختيار الأفكار الملائمة للموضوع: 

و يتمثل ذلك في انتماء الأفكار للموضوع و خلوه من كل ما يخل بوحدته وتقديمه بعناصر الفكرية والأساسية. 

6- عرض أهم ما يتعلق بالموضوع بموضوعية من دون إطالة أو إخلال: 

يتمثل ذلك في خلو الموضوع من الاستطراد في ذكر تفصيلات لا يحتاجها الموضوع الرئيسي، كذلك لا يعني الإيجاز المخل في إعطاء ركائز الموضوع الأساسية و لابد من الجمع بين ما قل و ما دل من دون حشو أو لغو. 

7- الاقتباس من القرآن الكريم والحديث الشريف والأدب العربي: 

إن الاعتماد على الاستشهاد من القرآن الكريم، والحديث النبوي الشريف أو الموروث الأدبي كان ذلك أسهل وأيسر في إقناع المستمعين، زيادة على أنه يضفي على الحديث دعما لغويا تصديقا لما يذهب إليه المتحدث من أفكار ووجهات نظر. 

8- أصالة الأفكار: 

أي أن يكون التعبير متميزا لم يسبق إليه قائل و يحمل طابع صاحبه أو يختلف بما له من خصائص لغوية وأسلوبية عن كتابات الآخرين. 

9- القدرة على استخدام النبر والتنعيم وتنويعه ليناسب المعنى: 

للنبر والتنغيم دور أساسي في الحديث الشفوي لتوضيح المعنى، فإظهار التعجب أو الانفعال أو الاستنكار أو الاستفهام يتم بالتنغيم والنبر، كما إن نبر كلمة ما في الجملة يوحي بأهمية دلالتها في الجملة، وأحيانا يخضع تنغيم الكلام للموقف أو السياق، فعلو النغمة في موقف قد يصبح غير مناسب في موقف آخر وهكذا. 

10- إخراج الحروف من مخارجها الصحيحة: 

للأصوات اللغوية خصائص معينة تميزها، والخلط بين هذه الأصوات يؤدي إلى تغير الكلمة أحيانا فيتغير المعنى مثل: تين و طين لذا يجب على المتحدث أن يتقن نطق الأصوات من مخارجها الصحيحة مع المحافظة على خصائصها كالجمر والهمس والتفخيم والترقيق مثل: (ت. ط. س. ص. ذ. ط .........إلخ)، ونطق الأصوات المتجاورة نطقا صحيحا مثل:(ذ. د. ث. ل. ر. ه. ح). 

11- القدرة على استخدام الوصل والفصل والوقف: 

التحدث عن ما لعلامات الترقيم في الكتابة من أهمية، واستخدامها يساعد على بيان ارتباط الجمل ببعضها البعض وبداية ونهاية كل معنى، بل إن الوقف ومدته له أثر كبير في جذب انتباه المستمعين إذا أحسن استخدامه، والوصل هو عطف جملة على أخرى بالواو، والفصل هو ترك هذا العطف بين الجملتين فمن الفصل قوله تعالى:"ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن"([62]) ،فجملة ادفع مفصولة عما قبلها، ولو قيل وادفع لما كان بليغا، ومن الوصل قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و كونوا مع الصادقين"([63]). 
- عطف جملة (و كونوا على ما قبلها ولو جرى بلا عطف لما كان بليغا). 

12- جهاز الصوت وعذوبته: 

الصوت عنصر مهم من عناصر شخصية المتحدث، فالشخص اللبق أو المتزن له حكم مبني في جزء كبير منه على أساس صوته وتعبيره الشفوي، وعلى المتحدث أن يتحكم بصوته علوا أو انخفاضا بحسب مقتضى الحال من المكان والزمان ونوع المستمعين وعددهم، وعليه تجنب الأنفية والتوتر والصوت العالي الحاد مع التحكم في جلسته ووقته وتنفسه، فالوقوف أو الجلوس مع رفع الرأس والأكتاف والتنفس العميق يساعد على وضوح الصوت وإكسابه الجهارة بطريقة ممتعة ومحببة. 

13- التنسيق بين سرعة الحديث وانتباه المستمعين ومستواهم: 

على المتحدث أن يضع في حسبانه مسبقا مستوى المستمعين و مدى معرفتهم بالموضوع، فلا يقدم معلومات دون مستواهم، فينصرفوا عن متابعته، كما عليه ملاحظة أثر حديثه فيهم، ويقرأ ذلك في وجوههم سواءا بالرضا أو عدمه، فإن كان السبب سرعته في العرض أبطأ، وإن كان بسبب بساطة ما يعرض ارتقى به إلى مستواهم، وإن كان السبب راجع إلى صعوبة وتعقيد في الألفاظ لجأ إلى التوضيح والشرح وضرب الأمثلة ليتحقق الفهم والهدف. 

14- ضبط بنية الكلمات المنطوقة ضبطا صحيحا: 

للكلمات في اللغة العربية بنية صرفية خاصة لكل منها، وهذه تخضع الحركات المصاحبة لكل صوت ساكن، وأي تغيير في إحدى هذه الحركات قد يحول الكلمة إلى كلمة أخرى بدلالة مختلفة مثل: ساعد وساعد. 

15- خلو الحديث من الأخطاء النحوية: 

ويتمثل ذلك في الصحة والكفاءة التامة في القواعد النحوية والالتزام بها بدقة إذا تحدثنا الفصحى ولا تصح مقولة (سكن- تسلم) لأنه يحرم المتحدث من ميزة التقديم والتأخير ويكشف ضعف المتحدث اللغوي، فالفصحى لا تكون إلا معربة. 

16- انتقاء الأزمنة المناسبة للأفعال: 

أزمنة الأفعال هي الماضي والحاضر والمستقبل، ولكل حدث زمنه، فعلى المتحدث إدراك زمن الحدث في المضي أو الحضور أو الاستمرار أو المستقبل من دون أن يضطرب هذا الاستخدام في الأزمنة وهو يناقش الموضوع. 

17- استخدام الضمائر وأسماء الإشارة المناسبة: 

الضمائر في اللغة العربية تقسيمات كثيرة وهي: المنفصلة والمتصلة، البارزة والمستترة، ضمائر للرفع وأخرى للنصب، كذلك أسماء الإشارة هناك للعاقل وهناك لغير العاقل، والضمائر وأسماء الإشارة يجب أن تناسب الاسم الظاهر أو المشار إليه من حيث الإفراد والتثنية والجمع، فعلى المتحدث صون ذلك وإدراكه في تعبيره الشفوي. 

18- التنويع بين الجمل الخبرية والإنشائية: 

التعبير ليس مجموع معاني أو مفردات فقط، وإنما يضاف لها دلالة التقديم والتأخير، وخصائص المفردات والدلالة الاجتماعية أو التاريخية، ونوعية الجمل الخبرية أو الإنشائية وعلى المتحدث أن يحيط بهذه الدلالات ويتدرب على استخدام التعابير بما يناسبها من مواقف. حيث تتطلب الأساليب الإنشائية من (استفهام، وعرض، وتخصيص، وتمني وترجي وأمر ونهي ودعاء)، أما الأسلوب الخبري فهو الذي يحتمل الصدق أو الكذب لذاته، وفي غير أساليب الإنشاء المذكور آنفا. 
· مثال للإنشائي: 
يا رب لا تسلبني أبدا ويرحم الله عبدا قال أمينا. 
· مثال للخبري: 
عرفت سجايا الدهر أما سره فنقد، وأما خيره فوعوده. 

19- الجرأة والثقة بالنفس: 

يتمثل ذلك في قدرة المتحدث على مواجهة الآخرين، فينطلق بثقة من دون تردد أو ضياع أو خشية للنقد، وإيمانا بقدرته على تغطية الموضوع ونيل رضا معلمه وزملائه وأن حديثه لا يقل شأنا ورفعه عن حديث الآخرين في الصف أو المدرسة. 

20- الانطلاق في الحديث من غير لجلجة أو لعثمة أو توقف: 

ينبئ عن عجز ما في التلميذ، لكن يجب أن يقدم فيه المتحدث معلوماته وموضوعه بطريقة متصلة من دون تردد أو تلعثم، حيث توحي هذه الأخيرة بجهله للموضوع أو بعدم استعداده الكافي للموقف، ويستوفى بالتدريب المتكرر على مواقف حقيقية أو متخيلة تسبق الموقف الحقيقي. 
فالانطلاق من غير توقف لا يعني أن يندفع المتحدث معتمدا على ما حفظه غيبا، ولا يترك لنفسه فرصة لالتقاط أنفاسه، وملاحظة أثر حديثه على المستمعين، فالمتحدث الجيد هو الذي يتوقف قليلا ليحقق هدفا أو أكثر من أهدافه كجذب انتباه الآخرين، أو إعادة صياغة المعنى، أو تكرار أمرا ما يريد التركيز عليه، على أن لا تطول مدة هذا التوقف بما ينبئ بالعجز عن مواصلة الحديث أو مواجهة الآخرين. 

21- استهلال الحديث بالبسملة والتحية المناسبة: 

تقضي الثقافة الإسلامية البدء بالبسملة "بسم الله الرحمن الرحيم" وبالتحية مع مراعاة نوع العلاقة بين المتحدثين، والمستوى الوظيفي أو الاجتماعي للمخاطب، فالألفاظ التي تستخدم بين الأقران لا يجوز استخدامها مع من هم أكثر سنا من المتحدث نفسه. 

22- مراعاة آداب الحديث: 

باحترام الآخرين والنظر إليهم والجلوس جلسة المكترث وكذلك الوقوف واستخدام الألفاظ المناسبة الموحية بالاحترام للمستمعين. 

23- التأثير في المستمعين وجذب انتباههم: 

يتم ذلك بطريقة عرض المتحدث لموضوعه، ومدى مناسبته للمستمع في صوته وأفكاره وأسلوبه وهذا طبعا لتقديم معلوماته، وتفاعله مع موضوعه، وتمكنه منه والتوقف الهادف وفهمه لموقف المستمع وقراءة درجة رضاه، وانشداده للحديث. 
المبادئ الأساسية لسير درس التعبير في ضوء المقاربة بالكفاءات للسنة أولى ثانوي: 
هناك مبادئ ضرورية تراعى عند تعليم التعبير هي: 
<<- يطلب من الطالب الكتابة عندما تتوفر لديه رغبة حقيقية في الكتابة، فتشكل عملية اتصال حقيقية. 
- ربط التعبير بمواد اللغة الأخرى وبمواد الدراسة كلها. 
- تدريب الطلبة على ترتيب الأفكار وترابطها والتفكير المتسلسل ( تمهيد، عرض، خاتمة ). 
- منح الطالب الحرية في التعبير. 
- التشجيع على زيادة المكتبات، والمطالعة أو كتابة البحوث والملاحظات. 
- الحرص على تجنب الخطأ النحوي، أو الصرفي، أو الإملائي. 
- التدريب على تلخيص كتب مختارة أو موضوع من مواد اللغة العربية. 
- تشجيع الطالب أن يكتب ويتحدث عن أي موضوع يختاره، ويسعى لمتابعة مذكراته اليومية أو صور من الحياة العامة. 
- التنويع في موضوعات التعبير من الناحية الوظيفية والإبداعية. 
- اعتماد التصحيح التحليلي لكتابات الطلبة وأحاديثهم، ليشعر الطلبة بالمتابعة ويتعرفون على مهارات التعبير 
- قناعة المعلم بأن أحاديث الطلبة وكتاباتهم لغرض التعليم والتدريب بالدرجة الأولى، وليس للتقييم أو النجاح أو الرسوب. 
- ضرورة الاهتمام بالجوانب النفسية للطلبة، وما يعانون من خجل لو ترددوا، وفنية التعامل مع هذه الجوانب.>> ( ([64] 

المطلب السابع: تدريس النقد الأدبي لدى تلاميذ السنة الأولى ثانوي (الفرع الأدبي) في ظل المقاربة بالكفاءات 

1- تعريف النقد الأدبي: 

أ‌- لغة: 
"عرفه ابن منظور في معجمه، النقد خلاف النسيئة، والنقد والتنقاد تميز الدراهم وإخراج الزيف منها، ويقال: نقد الطائر لحب ينقده إذا كان يلتقطه واحدا واحدا ، ونقدته الحية أي لدغته."([65]) 
ب‌- اصطلاحا: 
"هو الدراسة الفاحصة، بقصد تعريف مستوى الجودة أو الضعف وتقدير القيمة الحقيقية للمنقود، وهو بهذا المعنى حكم على النصوص الأدبية، بعد التحليل والموازنة مما يظهر قيمتها الأدبية ومستواها الفني لفظا ومعنى وأسلوبا وفكرة."([66]) 
وبعد دراسة النص الأدبي، وفهمه، واكتشاف معانيه وأفكاره، يأتي النقد الأدبي وهذا من أجل التعرف على مواطن الجمال والضعف، وإعطاء قيم وأحكام على النص المدروس، فالنقد الأدبي مكمل لفهم النص الأدبي حيث تعتبر "مصطلحات النقد الأدبي عاملا أساسيا في التفاعل مع النص الأدبي"([67]) 

2- أهداف تدريس النقد الأدبي في السنة الأولى ثانوي: 

يهدف تدريس النقد الأدبي في هذا المستوى إلى التحكم في المفاهيم النقدية لفهم النصوص الأدبية وذلك من خلال: 
<<- تنمية الملكة النقدية للمتعلم، وهذا بعد معرفة مصطلحات النقد الأدبي والاستفادة منها في إثراء زوايا النظر إلى النص الأدبي. 
- طرق القراءة النافعة لهم باكتشاف نواحي الجمال والقوة أو الرداءة في الأثر الأدبي. 
- ثقافة نقدية توسع أفق المتعلمين، وتجعلهم يقتربون من صحة الأحكام على النصوص المدروسة. 
- تنمية ملكة الملاحظة والتساؤل والبحث والاستنتاج لدى المتعلمين.>>([68]) 
وعموما فالهدف الرئيسي من تدريس النقد الأدبي هو فهم درس الأدب، حيث بدراسة مصطلحات النقد الأدبي يزداد المتعلم فهما لتقنيات النقد، فيتفاعل مع النص الأدبي تفاعلا إيجابيا فيتعمق فهمه للأثر المدروس وينعكس ذلك إيجابا على فكره ولغته. 

3- خطوات تنفيذ درس النقد الأدبي في السنة أولى ثانوي في ظل المقاربة بالكفاءات: 

ولتنفيذ درس النقد الأدبي يجب أن يرجع الأستاذ رفقة تلاميذه إلى النص الأدبي الذي تم درسه آنفا ثم يقومون بإتباع الخطوات التالية: 
أ- التمهيد: يمهد المعلم لدرس النقد الأدبي بالتطرق إلى كاتب النص أو بالحديث عن الفكرة الأساسية التي يدور حولها موضوع النص([69])، ويتم التمهيد بطريقة حوارية بين المعلم والتلاميذ. 
ب- عرض النص الأدبي: يقوم الأستاذ بعرض النص المراد نقده، ويقرأ قراءة نموذجية، ويمكن أن يقرأ بعض التلاميذ هذا النص قراءة جهرية([70]) 
ج- التحليل النقدي: بعد شرح بعض الكلمات الصعبة والتذكير بأهم الأفكار الواردة في النص الأدبي المدروس سلفا، فيقوم الأستاذ بتحديد أبيات شعرية مثلا، أو فقرة، بحيث تحتوي على صور معينة، ويطلب من التلاميذ تذوقها، مع تحديد الأثر الذي تتركه في نفوسهم، فيعمل التلاميذ على إيجاد الخصائص الفنية لهذه الصورة كما أن النقد الأدبي يتناول أبعاد النص جميعا من لغة وألفاظ وأفكار وأساليب وصور بلاغية وما إلى ذلك. 
وعموما فعملية نقد النص تحتاج من التلاميذ إلى ممارسة مستمرة وتدريب مستمر لكي يتعود على عملية التحليل أولا، ثم إصدار الأحكام ثانيا، ولا ينس المعلم هنا أن ينبه إلى كيفية تذوق النص لأن التذوق والإحساس بالجمال هو المرحلة الأخيرة من العملية النقدية. 

المطلب الثامن: بناء المشاريع للسنة أولى ثانوي الفرع الأدبي تحديدا 

من بين الإصلاحات التي أتت بها البيداغوجيا الجديدة (المقاربة بالكفاءات) هي نظام المشاريع حيث زادت من ثراء وخصبة المنهاج الجديد، غير أن هذه المشاريع لم تكن موجودة في المنهاج القديم، واستعملت في المنهاج الجديد لتوسيع آفاق التلاميذ وتوظيف مختلف مكتسباتهم لحل المشاكل والوضعيات المختلفة التي تواجههم. 
تعتمد هذه المشاريع على المعلم الكفء حيث هو الذي يتدخل من أجل ربط مواضيع المشاريع بما سبق من دروس لتدعيم الفهم وخلق الاستمرارية والتتابع وبإمكانه أن يغير ويعدل فيها حسب ما يراه مفيدا للمتعلم، لأن تقييدهم بالبرامج والحصص قد يتعارض ورغبتهم، وهذا مخالف لأهم مبادئ الطريقة التي تراعي حاجات وميولات التلاميذ المختلفة. 
تكسب هذه المشاريع التلاميذ خبرات معرفية متنوعة من معرفة وفهم وتطبيق وتحليل وتركيب وتقييم، إذ تنطلق المشاريع بشكل متسلسل مع بعضها، فيمر التلميذ بالمستويات السابقة، وينطلق من معرفة سابقة إلى معرفة لاحقة، حيث يكسبه فهما واسعا لأسباب ونتائج المشاريع وكذا تحليلها ومناقشتها، وربط كذا أهم عناصرها وهي كالتالي: (حدث، صراع، شخصيات، زمان، مكان...) وعلى المدرس هنا أن يمنح لجميع التلاميذ فرصة التعبير عن آرائهم وهذا من أجل إكسابهم مبادئ النقاش والثقة بالنفس وتحمل المسؤولية وكذا التعود على العمل الجماعي. 
وتتفرع مشاريع الكتاب المدرسي للسنة الأولى ثانوي جذع مشترك آداب تحت عنوان: "المشوق في الأدب والنصوص والمطالعة الموجهة" إلى ستة مشاريع مرتبطة ارتباطا وطيدا بالنصوص الأدبية والتواصلية المدروسة، فالمشروع الأول موضوعه تحت عنوان: إعداد معرض حول السلام والثاني تحت عنوان إعداد فهرس حول مظاهر الحياة العقلية في العصر الجاهلي، أما الثالث فهو تأليف مسرحية تتناول ظاهرة النمو الديمغرافي، والرابع بعنوان إعداد خطبة لإلقائها في مناسبة معينة، والخامس كتابة قصة تصور ظاهرة اجتماعية ذات دلالة بالنسبة إلى المتعلم، وسادسا وأخيرا يتطرق إلى إعداد فهرس حول ظاهرة النقائص وعلاقتها بالسياسة. 
ولنفصل الحديث عن المشاريع ارتأينا تجسيد مشروع من مشاريع السابقة الذكر، فوقع اختيارنا على المشروع الأول "إعداد معرض حول السلام"، بحكم أن هذا الموضوع يخدم التلاميذ في حياتهم اليومية كما أنه يحفزهم على حب السلم والتسالم فيما بينهم. 
الخطوات التي يمر بها المشروع: 

أ- مرحلة التحضير والاختيار: 

· جمع الأفكار والمعلومات (كل ما يتعلق بالسلام). 
· اجتماع أعضاء الفوج مع فتح باب المناقشة الحرة، وإعطاء كل منهم رأيه حول الموضوع وتقديم ما تم الحصول عليه من معلومات. 
· صياغة الأهداف: إذ أن هدفه الرئيسي هو محاولة لتطبيق السلام وزرع هذه الظاهرة في الواقع. 

ب- مرحلة تنفيذ المشروع: 

بعدما تم جمعه من معلومات وأفكار وتخطيط لهذا المشروع فإن التلاميذ باستطاعتهم تطبيق مشروعهم، حيث تقسم الأعمال بين مختلف الأعضاء الذي يكون 4 أعضاء، ينتخب من بينهم رئيسا، ويمكن أن توزع الأدوار على كل عنصر من أعضاء الفوج فمثلا: 
· العضو الأول: يقوم بفرز المعلومات من بعض المقالات من جهة، والنصوص من جهة أخرى، وكذلك الأمثال والحكم، ولكل ما يتعلق بالسلم والسلام. 
· العضو الثاني: يقوم بكتابة وتنسيق المعلومات، وتلخيص ما يمكن تلخيصه. 
· العضو الثالث: يقوم بإخراج الموضوع على صورته النهائية. 
· العضو الرابع: إعداد الفرض وقراءته. 

ج- الوسائل المعتمدة: 

أوراق بيضاء، أقلام ملونة، قطع قماش......وعموما فهي وسائل بسيطة ومتنوعة باستطاعة أي تلميذ الحصول عليها، على خلاف بعض الوسائل كتوفير المراجع فلربما قد لا يتمكن الجميع من الحصول عليها. 

د- المدة الزمنية: 

دائما للقيام بمشروع معين يلزم على الأقل أسبوعين حتى يكون بوسع التلاميذ الإلمام بجميع عناصر المشروع، وكذا تقديمه على أحسن وجه، وهذا ما يتوجب على الأستاذ القيام به، وهو منح الوقت الكافي لإنجاز المشروع مراعيا في ذلك طبيعة المشروع. 

ه- مرحلة تقييم المشروع: 

هناك مجموعة من الكفاءات المستهدفة ينبغي الوصول إليها بعد تنفيذ المشروع وتحدد هذه الكفاءات سلفا من قبل المدرس، فمن أهم الأهداف المرجوة من هذا المشروع "إعداد مشروع حول السلام" ما يلي : 
- أن يتدرب المتعلمون على العمل الجماعي الذي يخلق الاحتكاك بينهم، ويكسبهم الثقة بالنفس، وآداب المناقشة، والتخلص من بعض العقد النفسية. 
- أن يتدرب المعلمون على العمل المنظم والمرتب وفق مراحل معينة. ([71]) 
إذن تعتبر هذه الأهداف المحددة، والمنهجية المتبعة، والوسائل المعتمدة أثناء تنفيذ المشروع، هي التي تتخذ كمعايير تبنى عليها أحكام تقييمية حول المشروع، لهذا تعد كل من "الأشخاص، المنهجية، الوسائل، والمتابعة من طرف الأستاذ" من أهم العوامل المساعدة في نجاح أي مشروع. 

الهوامش: -------------------------

[1]- سورة النحل الآية 103 
[2]- سورة الشعراء الآية 105 
[3]-ينظرعبد الرحمن السيوطي المزهر في علوم اللغة، ج1، تحقيق محمد أحمد جاد المولى و آخرون ، ط 1، القاهرة دار حياء الكتب المصرية، ص 35 
[4]- ينظر حمر الراس عماد الدين، مذكرة لنيل شهادة الماستر، تعليمية علوم اللغة العربية في ظل المقاربة بالكفاءات،كتاب السنة الأولى نموذجا، جامعة منتوري قسنطينة. 
[5]- طه علي الدليمي و سعاد عبد الكريم الوائلي، اللغة العربية مناهجها و طرائق تدريسها، دار الشرق للنشر و التوزيع، عمان الأردن،ط1،2005، ص 80 
[6]- محسن علي عطية،مرجع سابق، ص 283 
[7]- مناهج السنة الأولى، مرجع سابق، ص21 
[8]- مناهج السنة الأولى، مرجع سابق، ص21 
[9]- محسن علي عطية، المرجع السابق، ص283 
[10]- مناهج السنة الأولى ثانوي، مرجع سابق، ص 21 
[11]- ينظر منهاج السنة الأولى ثانوي ، ص22، بتصرف. 
[12]- حسين شلفون و آخرون المشوق في الادب و النصوص و المطالعة الموجهة، السنة الأولى ثانوي ، وزارة التربية الوطنية الديوان الوطني للمطبوعات الدراسية، ص 05 
[13]-منهاج السنة الأولى ثانوي، مرجع سابق، ص 76 
[14]- حسين شلفون وآخرون المشوق في الأدب و النصوص و المطالعة الموجهة، مرجع سابق، ص 05 
[15]- نفس المرجع، ص 06 
[16]- ابن منظور، لسان العرب ، مادة طلع، بيروت، المجلد التاسع، ط4، 2005، ص133 
[17]- ابن منظور مرجع سابق، ص 134 
[18]- مناهج السنة الأولى ثانوي، مرجع سابق، ص 24 
[19]- مناهج السنة الأولى ثانوي، مرجع سابق، ص 24 
[20]- ابن منظور لسان العرب، اعداد يوسف خياط ، دار صادر بيروت لبنان، ج 2 ، ص 599 
[21]- ابن جني، الخصائص، ص 34 
[22]- ابن منظور لسان العرب، دار صادر ، بيروت، ج7 ، ص 228، 229 
[23]- رضا الدين الاستريادي، شرح الشاقية، ت ، محمد نور الحسن و آخرين، بيروت 1975، ج 1، ص 1 
[24]- زكريا اسماعيل، طرق تدريس اللغة العربية ، دار المعارف، الجامعة الاسكندرية، 2005، ص 201 
[25]- طه حسين الدليمي و سعاد عبد الكريم الوائلي، اللغة العربيةظن مناهجها و طرائق تدريسها ، مرجع سابق، ص 150 
[26]- طه علي حسين الدليمي و سعاد عبد الكريم الوائلي، مرجع سابق، ص 151 
[27]- ينظر راتب قاسم عاشور ومحمد فؤاد الحوامدة، أساليب تدريس اللغة العربية بين النظري والتطبيقي، دار المسيرة، ط 2، 2007، ص 111 
[28]- طه علي حسين الدليمي وسعاد عبد الكريم الوائلي، مرجع سابق، ص 183 
[29]- راتب قاسم عاشور و محمد فؤاد الحوامدة، مرجع سابق ، ص 112 
[30]- طه علي حسين الدليمي و سعاد عبد الكريم الوائلي، مرجع سابق، ص 182 
[31]- راتب قاسم عاشور ومحمد فؤاد الحوامدة، مرجع سابق ، ص 112 
[32]- طه علي حسين الدليمي وسعاد عبد الكريم الوائلي، مرجع سابق، ص 188 
[33]- المرجع السابق. 

[34]- قاسم عاشور ومحمد فؤاد الحوامدة، أساليب تدريس اللغة العربية بين النظري والتطبيق ، مرجع سابق ، ص 113 
[35]- قاسم عاشور ومحمد فؤاد الحوامدة، أساليب تدريس اللغة العربية بين النظري والتطبيق ، مرجع سابق ، ص 113 
[36]- نفسه 
[37]- منهاج السنة الأولى ثانوي ، عن وزارة التربية الوطنية ، مرجع سابق ، ص 27 
[38]- ابن منظور لسان العرب مادة بلغ دار صادر بيروت، مجلد 2 ، ط4، 2005 ، ص 143 
[39]- عبد القادر الجرجاني، دلائل الإعجاز تحقيق أحمد مصطفى المراغي الجمهورية التجارية، مصر، ص 39 
*- هذه الخطوات مستنتجة من الطريقة الاستقرائية في تدريس القواعد اللغوية. 
[40]- مناهج السنة الأولى ثانوي ، مرجع سابق ، ص 27 
[41]- المرجع نفسه. 
[42]- تعليمة علوم اللغة العربية في ظل المقاربة بالكفاءات، مذكرة نيل شهادة الماستر، إعداد حمر الراس عماد الدين، ماي 2011، جامعة منتوري قسنطينة. 
[43]- منهاج السنة الأولى ثانوي ، مرجع سابق ، ص 27 
[44]- المرجع نفسه ، ص 27 
[45]- منهاج السنة الأولى ثانوي ، مرجع سابق ، ص 28 
[46]- المرجع نفسه. 
[47]- منهاج السنة أولى ثانوي ، مرجع سابق ، ص 30. 
[48]- منهاج السنة أولى ثانوي ، مرجع سابق ، ص 30 
[49]- ينظر ابن منظور لسان العرب، دار الصادر بيروت، المجلد العاشر ط1، 2005 ، ص100 
[50]- يوسف أبو العدوس "موسيقى الشعر وعلم العروض" الأهلية للنشر و التوزيع، عمان ط1، 1999، ص13 
[51]- المرشد الوافي في العروض والقوافي:د.محمدد بن حسن بن عثمان، ص6 
[52]- طه علي حسين الدليمي وسعاد الكريم عباس الوائلي اللغة العربية مناهجها وطرائق تدريسها، ص259 
[53]- منهاج السنة الأولى من التعليم الثانوي، العام والتكنولوجي، مرجع سابق ص28 
[54]- منهاج السنة الأولى من التعليم الثانوي، العام والتكنولوجي، مرجع سابق ص28 
[55]- د.عبد الرحمان عبد علي الهاشمي ود.فائزة محمد فخري الفراوي "دراسات في منهاج اللغة العربية وطرائق تدريسها، ط1 –عمان- 2006 ص 201 
[56]- مناهج السنة الثانية ثانوي العام والتكنولوجي ، مرجع سابق ، ص 81. 
[57]- مرحلة مستنتجة من كتاب المشوق في الأدب و النصوص و الطالعة الموجهة، حسين شلفون وآخرون ، مرجع سابق ، ص 133. 
[58]- ينظر د. عبد الرحمان عبد علي الهاشمي د.فائزة محمد فخري الفراوي "دراسات في مناهج اللغة العربية وطرائق تدريسها ط1 –عمان مؤسسة الوراق- 2006 ص 206 
[59]- مشروع الوثيقة المرافقة لمنهاج السنة الأولى من التعليم الثانوي العام والتكنولوجي جذع مشترك أدب وجذع مشترك علوم وتكنولوجيا، جانفي 2005 ، ص 18 
[60]- مشروع الوثيقة المرافقة لمنهاج السنة الأولى من التعليم الثانوي العام والتكنولوجي جذع مشترك أدب وجذع مشترك علوم وتكنولوجيا، جانفي 2005 ، المرجع السابق، ص 19- 20 
[61]- د.عبد الرحمان عبد علي الهاشمي، د.فائزة محمد فخري الفراوي "دراسات في مناهج اللغة العربية وطرائق تدريسها ط1، عمان 2006 ص 264 
[62] - سورة فصلت، الآية 34 
[63] - سورة التوبة، الآية 119 
[64]- د. عبد الرحمن عبدلي الهاشمي ، د. فايزة محمد قحزي العزاوي "دراسات في مناهج الغة العربية و طرائق تدريسها، ط1، عمان، 2005، مرجع سابق، ص 265-266. 

[65]- ابن منظور لسان العرب، المجلد الرابع عشر، دار صادر، بيروت ، لبنان، ط 5، 2005، ص 334 
[66]- مناهج السنة الأولى من التعليم الثانوي وزارة التربية الوطنية، مرجع سابق، ص 29 
[67]- بتصرف، مرجع سابق ، ص 29 
[68]- منهاج السنة الأولى من التعليم الثانوي وزارة التربية الوطنية، مرجع سابق، ص 30 
[69]- راتب قاسم عاشور، أساليب تدريس اللغة العربية بين النظري و لتطبيقي، ص 197 
[70]- المرجع نفسه، ص 200 
[71]- تعليمة علوم اللغة في ظل المقاربة بالكفاءات، حمر الراس عماد الدين، المرجع السابق، ص 100
نشر على جوجل بلس

معلومان عن Unknown

موقع مكتبة جيقا – GigaLibrary: هو موقع يعنى بشؤون الطلبة الجامعيين وطلبة الدراسات العليا والباحثين في شتى المجالات العلمية والأدبية والعلوم الإنسانية والاجتماعية وغيرها، نساهم في إثراء مجال البحث العلمي في الجزائر والوطن العربي، كما ننشر آخر الأخبار والمستجدات في هذا المجال، نحاول نشر مواضيع جديدة، وتوفير المواد للباحثين (أطروحات، كتب، مقالات، بحوث جامعية، وغيرها).

0 التعليقات:

إرسال تعليق