الأوراس والأطلس المغربي خلال القرنين 19 و20 - دراسة تاريخية أنثروبولوجية مقارنة -
الفصل الثاني: عادات وتقاليد أمازيغ الأوراس
المبحث الثالث: القوانين العرفية عند أمازيغ الأوراس
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------
المبحث الثالث: القوانين العرفية عند أمازيغ الأوراس
المطلب الأول: التنظيم العام عند أمازيغ الأوراس
يتميز المجتمع الأمازيغي بنظام سياسي وإداري والذي يعتبر أكثر ديمقراطية وأكثرها بساطة في آن واحد، وهو نظام قائم على حكم ذاتي، وهي حقيقة واقعة منذ أكثر من قرون. فالشعب هنا هو كل شيء. وهو نتيجة طبيعية لروح التعاون والتضامن التي تحدوا بصورة غريزية هؤلاء السكان، حيث نجد المجتمع الأمازيغي متشكل وفق المبادئ النابعة من هذا الروح، وذلك في أبسط جزيئات الحياة الخاصة. كما في علاقات العائلة والقرية والقبيلة. ([1])
1.1. القرية (تادارث):*
تتميز الوحدة السياسية والإدارية لمجتمع الأمازيغ في القرية (تادارث) وهي كيان له حياته الخاصة واستقلاليته.
وهو الذي يعين قادته ويسن قوانينه أو يلغيها. كما يدير نفسه. واثنان أو ثلاث قرى يوحدها نوع من أنواع النسب وتشكل العرش، واجتماع العديد من القبائل يشكل إتحادية. ([2])
إن العائلة هي العنصر الأول من الاجتماع العام، وهي تضم الأب والأم والأبناء وزوجاتهم وأبناؤهم وأحفادهم. والأعمام والخالات وأبناء الأخ وأبناء العم، ويعيش هؤلاء الأفراد حياة مشتركة. ويعد ذلك موضوع تقدير اجتماعي هام جدا. وتبقى الأملاك في حالة شيوع، وتستعمل وارداتها لإعالة ورعاية الجميع دون تمييز. ([3])
كل تادارث أمازيغية تمنح ذاتية تجعلها تؤسس مدينة عريقة([4])هذا التنظيم البالغ القوة للعائلة هو نتاج الحاجة التي تتحكم في كل المؤسسات الأخرى، والتي تتمثل في الدفاع ضد كل أشكال التعسف في استخدام القوة، وهي إحلال سلطة العائلة محل سلطة الفرد، وهي ذات طابع ديمقراطي([5]).
القرية بوصفها كيان سياسي وإداري موحد هو بمثابة دولة حقيقية، تسعى قبل كل شيء إلى الحفاظ على تفردها، وعلى تركيز السلطات بين أيدي تجماعت([6]).
والقبيلة Tribu مقسمة إلى عدة فروع Karoubas، وهي مقسمة بدورها إلى عدة قرى ومدن ,Dacheras Villages. ([7])
الفصل الثاني: عادات وتقاليد أمازيغ الأوراس
المبحث الثاني: الأطلس المغربيالمطلب الأول: الموقع الجغرافي –التضاريس و المناخالمطلب الثاني: سكان الأطلس و مميزاتهم الأنثروبولوجيةالمطلب الثالث: اللغة
2.1.العرف:
هو ما يحدث من تغيير في العادة، ولأنه منبثق من قانون القرية، ويسري في مجالها الجغرافي، وهي بمفهوم الممارسات المحلية، فالعادة والعرف اللذان يتأسسان على اتفاق جماعي وتقرره وتحدثه مجلس تاجماعت.
العرف ينتقل من جيل إلى جيل بطريقة شفوية ويتعلق بالأحوال الشخصية وعلى نقل الملكية وعلى شروط التعاقد([8]).وأعراف الأمازيغ تشتم منها رائحة العدالة والرحمة. ([9])
الأعراف في ترتيباتها الأساسية، لاسيما فيما يتعلق بالزواج و الميراث و الوصايا و حق الشفعة، إنها تسعى وراء الحفاظ على إستمرارية العائلة، كما تؤسس أيضا لتضامن صارم بين أعضائها، سواء قضايا مالية أو حالات تكون فيها الحياة موضع تهديد([10]).
دستورهم جمهوري وحكمهم ديمقراطي، وأن مؤسساتهم المستمدة تشبه القانون الروماني، وهي اقرب من المبادئ الجمهورية، فهي تمثل ذلك التشريع العتيق الذي كان سائدا عشية الإحتلال، وهي بمثابة حقائق من الحياة المعاشة([11]).
خارج المجتمع الأمازيغي لا يوجد غرباء بل فقط أعداء، وهو الأمر الذي كان معمولا به في القانون الروماني القديم المعروف باسم Hostis الذي كان يشير إلى الأجنبي والعدو في آن واحد.
يتم كذلك تقسيم الانتفاع بالينابيع فيما يخص الإغتراف والسقي، وذلك قدر ما تسمح به الظروف([12]).
ولا يزال يحتفظ بمؤسساته الديمقراطية التي يحسد عليها، دستوره العرفي مع قوانينه المدنية([13]).
يعرف محمد حسنين العرف بأنه اعتياد الأشخاص على اتخاذ سلوك معين في مسالة معينة، بحيث يستقر الشعور لدى الجماعة باعتباره سلوكا ملزما، ومستتبعا لتوقيع الجزاء على مخالفته، فقد نشأت هذه القاعدة تلقائيا وتدريجيا مع نشوء الحاجة إلى تنظيم العلاقات الاجتماعية، وتطورت تلقائيا كذلك مع تطورها([14]).
الفصل الثالث: عادات وتقاليد أمازيغ الأطلس المغربي
المبحث الأول: الأرض كرهان على الحرية لدى الأمازيغ
المطلب الأول: الطوبونيميا La toponymieالمطلب الثاني:أهمية الأرض لدى أمازيغ الأطلس المغربيالمطلب الثالث: التضامن والتكافل لدى أمازيغ الأطلس المغربي
3.1.الجماعة Djmâa * تاجماعث:
الإثنية الأمازيغية لها أهمية كبيرة في تاريخ الإنسانية وهو الذي يعطينا عرض خاص لنظام اجتماعي حقيقي في ظل حكومة مشكلة من الشعب نفسه، إنها المثالية في الديمقراطية. ([15])
يعتبر نظام هيئة تاجماعت على مستوى كل قرية بمثابة الوحدة القروية الأكثر تمييزا للنظام الريفي([16])ومؤسسة تاجماعت هي بطبيعتها كيان إجتماعي. ([17])
الجماعة Djmâa هي مجلس القرية – القبيلة ([18])Conseil de la section، وأعضاءها من وجهاء القوم ويحضون باحترامهم وتقدير من طرف السكان. وتعتبر هيئة تاجماعت مجلس القرية الحر (تادارت) ورئيسها يدعى أمقران (الكبير) أو أمغار (القائد) ([19]) وهيئة تاجماعت التي تقوم بتعيينه، وتقرر الإجراءات بكل ما يتعلق بمصلحة القرية([20]).ونلاحظ ذلك التضامن الكثيف الذي يربط الفرد إلى العائلة والعائلة إلى القرية. ([21])
فالقضاة يلجئون دائما إلى المصالحة بين الجاني والمجني عليه، بحيث يعيدون الأشياء المسروقة لصاحبها أو يعاد شراؤها له أو يعوض عن حياة ضحية بقيمة مالية ويسمون هذا بالصلح والمصالحة، فهم يسعون دائما إلى أن يتفق الجميع أهل الضحية وأهل الجاني، ويحصلون في اغلب الأحيان على منحة من المال تقدم لهم على طريقتهم في إرساء العدل. ([22])
الصلح هو عقد ينهي الطرفان بواسطته نزاعا موجودا أو يحتاطان به لظهوره، و في المجتمع الأمازيغي كل المحاكمات تنتهي بصلح من طرف هيئة تاجماعت، و يمكن التصالح بشان أي نوع من أنواع الخلافات، وحتى في الرقبة أو دين الدم*، لكن بموافقة القرية تادارث([23])
يقول الباحث Haddad Mostéfa:
« Imagharen ou Djemaa est une institution très ancienne chez les différentes communautés berbères notamment en Algérie et au Maroc. En Algérie, bien que l’administration approuve ses délibérations, La Djmaa officieuse traite elle des questions, des affaires plus intimes que celles de la Djemaa officielle. » ([24])
»إمغارن أو الجماعة هي مؤسسة عريقة جدا عند مختلف المجتمعات الأمازيغية، وبالتحديد في الجزائر والمغرب. في الجزائر الإدارة تصادق وتقر بمحررات وقرارات الجماعة، وهي تعالج مسائل وقضايا حميمية أكثر من الجماعة الإدارية (البلدية). «
الهوامش: ------------------------
([1]) Hanoteau, Opcit. p 3.
* تادارث: و يصفها Emil Masqueray كأنها وضعت فوق وسط القمة الجبلية مثل العش الكبير. انظر:
Emile Masqueray, Souvenir et vision d’Afrique. Opcit. p 368.
([2]) Ibid. p 6.
([3]) Hanoteau, Le tourneux, Ibid. p 8.
([4]) Charles Robert Agéron, Opcit. p 508.
([5]) Hanoteau, Opcit. p 8.
([6]) Ibid. p 134.
([7]) Emile Masqueray, Formation des cites. Opcit. p 19.
([8]) Hanoteau, Le tourneux, Ibid. p 139.
([9]) Charles Robert Agéron, Opcit. p 497.
([10]) Hanoteau, Ibid. p 8.
([11]) Charles Robert Agéron, Opcit. pp 498. 500. 523.
([13]) فيليب لوكا، جون كلود فاتان،مرجع سابق، ص 149.
([14]) محمد حسنين، الوجيز في نظرية القانون (في القانون الوضعي الجزائري) المؤسسة الوطنية للكتاب. الجزائر. 1986. ص 47.
الفصل الرابع: أوجه التشابه والاختلاف ما بين الأوراس والأطلس المغربي
المبحث الأول: أوجه التشابهالمطلب الأول: الإطار الجغرافي والتاريخيالمطلب الثاني: مكانة الأرض عند الأمازيغالمطلب الثالث: المرأة والمجتمع والسكنالمطلب الرابع: القوانين العرفية
* Djmâa : Assemblées de notables (مجلس الأعيان أو الوجهاء) voir : Mathèa Goudry, p 16.
([15]) Emil Masqueray, Formation des cites. , Opcit. p 30.
([16]) Charles Robert Ageron, Opcit. p 893.
([17]) Hanoteau, Le tourneux, Opcit. p 11.
([18]) Recueil des Notices et Mémoires de la Société Archéologique Historique Géographique du Département de Constantine. V 13. Série 5. 1925. p 118.
([19]) Charles Robert Ageron, Ibid. pp 897.512.
([20]) Hanoteau, Ibid. pp 11. 332.
([21]) Ageron, Ibid. p 516.
([22]) فيليب لوكا، جون كلود فاتان: مرجع سابق. ص 183.
* دين الدم أو الرقبة: و تعني: Le prix de sang
([23]) Hanoteau, Ibid. pp 531. 532.
0 التعليقات:
إرسال تعليق