-->
مرحبا بكم, نشكركم على زيارة موقعنا, نتمنى أن تكون قد حصلت على ما كنت تبحث عنه، ولا تنسى الإنضمام الى متابعي المدونة الأوفياء لتكون أول من يعرف بجديد مواضيعنا, دمتم في آمان الله .

تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين (المبحث الثالث - الفصل الأول)

نزول الحلفاء 1942 في الجزائر وتأثيرها على الحركة الوطنية

الفصل الأول: أوضاع الحركة الوطنية قبل نزول الحلفاء

المبحث الثالث: تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين 

نزول الحلفاء 1942 في الجزائر وتأثيرها على الحركة الوطنية

جاء ميلاد جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، عقب احتفال الفرنسيين بمرور مائة عام على احتلالهم الجزائر وذلك يوم 5 ماي 1931 بنادي الترقي بالجزائر العاصمة، بناءا على دعوة من اللجنة التأسيسية المؤلفة من جماعة فضلاء العاصمة التي كان يترأسها السيد"عمر إسماعيل"(*). وقد تم في هذه الجلسة وضع القانون الأساسي للجمعية وكذلك تعيين أعضاء هيئتها الإدارية التي قامت بانتخاب الشيخ عبد الحميد ابن باديس(**) غيابيا رئيسا لها والشيخ محمد الإبراهيمي نائبا له([1]) . 
لمعاينة مقدمة نزول الحلفاء 1942 في الجزائر وتأثيرها على الحركة الوطنية- إضغط هنا
وقد تمحور القانون الأساسي للجمعية حول أربعة وعشرين (24) فصلا تناول فيها التسمية وطبيعة الجمعية وهياكلها وأعضائها وطرق تسييرها وتمويلها وقد أكد الفصل الأول منها على أنه تأسست في عاصمة الجزائر جمعية إرشادية تهذيبية تحت اسم"جمعية العلماء" أما الفصل الثالث فأكد بأنه لا يسوغ لهذه الجمعية بأي حال من الأحوال أن تخوض أو تتدخل في المسائل السياسية، أما الفصل الرابع فأكد بأن القصد من هذه الجمعية هو محاربة الآفات الاجتماعية كالخمر والميسر والبطالة والفجور وكل ما يحرمه صريح الشيء وينكره العقل وتحجزه القوانين الجاري بها العمل. ([2]) 
لمعاينة المبحث الأول: أوضاع نجم شمال إفريقيا وتأسيس حزب الشعب - إضغط هنا
رغم أن الجمعية أعلنت في لسان تكوينها أنها جمعية اجتماعية ثقافية وغير مهتمة بالشؤون السياسية إلا أن أهدافها هذه جعلت منها أهم تشكيل وطني حارب الاستعمار في هذه الفترة، وذلك عن طريق غير مباشر بإتباع أسلوب التنوير والعودة بالمجتمع إلى أصوله العربية الإسلامية والدفاع عن الثقة العربية والتقاليد ومحاربة الخرافات التي ساعد على انتشارها رجال الطرق الصوتية بتشجيع من الاستعمار،كما حاربت الجمعية بشدة سياسة التجنس والاندماج، والتنصير بالمسيحية وكل ما من شأنه القضاء على الشخصية القومية للشعب الجزائري. ([3]) 
لمعاية المبحث الثاني: تأسيس ومسار الحزب الشيوعي الجزائري- إضغط هنا
ولعل أهم تعبير عن أهداف القومية ومبادئها ما جاء على لسان عبد الحميد بن باديس وأوردته مجلة الشهاب لسان حال الجمعية 1937 حين قال: العروبة والإسلام والعلم والفضيلة، هذه أركان لقضيتنا وأركان جمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي هي مبعث حياتنا ورمز نهضتنا ،فمازالت هذه الجمعية كما كانت تفقهنا في الدين وتنسينا بالهم وتحلينا بالأخلاق الإسلامية العالمية والفضيلة وتحفظ علينا جنسيتنا وقوميتنا وتربطنا بوطنيتنا العربية الإسلامية ...... ([4]). 
ولقد أكد الدكتور عبد الكريم بوصفصاف من خلال القانون الأساسي من خلال جميع نشاطاتها وأعمالها وكل تصريحاتها وكتابات روادها تلخيص أهدافها في هدفين رئيسيين كما يؤكده الدكتور. ([5]) 
لمعاينة المبحث الثالث: تأسيس ج.ع. المسلمين الجزائريين- إضغط هنالمعاينة المبحث الرابع: ظروف انتماء المِؤتمر الإسلامي ونتائجه- إضغط هنا
الأول: وهو يتمثل في تنقية الإسلام مما علق به من شوائب والمحافظة على الثوابت، إحيائها، كاللغة العربية والتاريخ القومي والإسلامي، بالإضافة إلى بناء المدارس والمساجد ومحاربة الآفات الاجتماعية عن طريق نشر الوعي وذلك بواسطة الدروس والصحافة، وبصفة عامة الوقوف ضد محاولة مسخ الشخصية الوطنية الجزائرية. 
الثاني: وهو بعيد المدى ويتمثل في استرجاع الاستقلال الجزائري، وتكوين دولة عربية إسلامية. ([6]) 
ومهما يكن فإن الجمعية قد لعبت دورا أساسيا في ترسيخ المبادئ العربية الإسلامية وكذا مكافحة الاستعمار بوسائل مختلفة من إنشاء المدارس إلى إلقاء الدروس في المساجد وكذا المقالات والمنشورات في الصحف والمجلات. ([7]) 
ولعبت صحف الجمعية دورا كبيرا في الدفاع عن مبادئها خاصة حول قضية التجنيس وأحكامها الشرعية على نحو ما ورد في صحيفة البصائر 1954م في مقالة للشيخ العقبي أحد أقطاب الجمعية حيث قال :"التجنيس بمعناه المعروف في شمال إفريقيا حرام، والإقدام عليه غير جائز بأي وجه من الوجوه".([8]) 
كما أصدرت الجمعية فتوى بتفكير كل من يتجنس باعتباره مرفدا عن الإسلام. ([9]) 
لمعاينة المبحث الأول: اندلاع الحرب العالمية2 ودور الجزائريين فيها- إضغط هنالمعاينة المبحث الثاني: المواقف الأولية للحركة الوطنية من الحرب- إضغط هنا
واستنادا لما أورده السيد فرحات عباس(*)، فإن الجمعية كانت مهمتها شاملة حيث يقول: حملت هذه الجمعية المباركة على عاتقها عبئ نهضة الإسلام ومحاربة أصحاب الزوايا والطرق المتواطئين مع الاستعمار وتكوين إطارات اجتماعية مثقفين ثقافة عربية. 
ومن خلال السيد فرحات عباس يمكننا تلخيص برنامج جمعية العلماء في المطالب الآتية: 
- حرية تعليم اللغة العربية. 
- حرية فتح النوادي وبيع المشروبات المباحة لروادها. 
- حرية فتح المدارس والتعليم باللغة العربية والفرنسية وإدخالها تحت لمراقبتها الأكاديمية. 
- المحافظة على التعليم الديني في جامع الأخضر بقسنطينة. ([10]) 
وقد كتب الكثير عن أهداف جمعية العلماء وبعضهم نصرها على التعليم العربي ومحاربة الخرافات وتصفية الإسلام مما علق به من الشوائب من خلال القرون المتأخرة وبعضهم قرنها بالنشاط السياسي ومعاداة الاستعمار وبفكرة تكوين الدولة المتأخرة بينما آخرون نظروا إلى العلماء على أنهم مجموعة من أنصاف المثقفين وردوا على الجزائر من الخارج يحملون معهم مذاهب هدامة وأفكارا أجنبية عن المجتمع الجزائري، وقد لخص أحد أعضاء الجمعية 1935 أهدافها:إحياء الإسلام بإحياء القرآن والسنة، وإحياء اللغة العربية وآدابها، إحياء التاريخ الإسلامي وآثار قادته. ([11]) 
هذه هي الأهداف التي حددها زعماء الجمعية لأن الفترة الممتدة من1931 إلى 1939 هي التي قام فيها الزعماء بتحديد تلك الأهداف إلا أن الزعماء الذين عاشوا بعد الاستقلال غيروا في أهداف الجمعية وحددوها بطريقة أخرى، حيث رأى الإبراهيمي أن الجمعية كانت تهدف إلى محاربة ضريبة من الاستعمار الأول الداخلي ،وتمثل في أنصاف المثقفين، رجال الطرق والزوايا الذين جنوا على الإسلام فألحقوا به من الرذائل، والثاني خارجي: تمثل في محاربة الاستعمار الفرنسي الذي اغتصب أرض الجزائر وأذل شعبها، وقد اختارت الجمعية أن تبدأ بالأول لأنه أكثر تأثيرا على الشعب. ([12]) 
وفي الأخير يمكن تلخيص أهداف الجمعية في قول الإبراهيمي: "إن الجمعية تعمل للإسلام بإصلاح عقائده، وتطالب باستقلال قضائه، وتطالب بحرية التعليم، تدافع عن الذاتية الجغرافية التي هي عبارة عن العروبة والإسلام مجتمعين في وطن. ([13]) 
أما عن مبادئها فتتمثل في: 
- إحياء الدين الإسلامي وتطهيره من الشوائب التي علقت به. 
- تطور الثقافة العربية الإسلامية. 
- توحيد أبناء الشعب الجزائري تحت راية العروبة والإسلام. 
- توعية الشباب الجزائري بالشخصية الجزائرية وتهيئته للنضال في المستقبل. 
- إقامة جسور التعاون بين الجزائر والدول العربية والإسلامية. 
- الدعوة إلى التوحيد ، العمل المشترك مع أبناء تونس والمغرب. 
- نشر التعليم العربي مستوحى من الوحدة العربية الإسلامية. ([14]) 
لقد جاء في تقرير1945 أن جمعية العلماء كانت ولا تزال تحفر هوة بين الحضارتين العربية والفرنسية، نظرا لما تقوم به من عمل في تعبئة للثقافة الإسلامية التعصبية وعلى الرغم من أنها تدعي بأنها لا سياسة فإنها نواة للأحزاب الوطنية وقاعدة لاثابتة ينمو فوقها الشعور الإسلامي. ([15]) 
وإن نشاط الجمعية تركز واعتمد كليا على عدة وسائل منها على وجه الخصوص: 
الصحافة: حيث نشأت العديد منها وهي: المنتقد، الشهاب، الشريعة، المحمدية، السنة النبوية، الصراط المستقيم وآخرها وأهمها البصائر(*) ([16]). 
المدارس: ولقد بلغ عددها أكثر من مائة وخمسين مدرسة، نذكر منها على سبيل المثال: مدرسة الحديث بتلمسان، مدرسة التربية والتعليم بقسنطينة، مدرسة الشبيبة الإسلامية بالجزائر، ومدرسة تهذيب البنين بتبسة، وهذا إيمانا منها بدور المدرسة على حد تعبير الشيخ البشير الإبراهيمي "المدرسة جنة الدنيا وكل شعب تبنى له المدارس لا تبنى له السجون".([17]) 
وأيضا إنشاء المدارس والنوادي وبناء المساجد وتكوين فرق الكشافة الإسلامية والفرق الرياضية والمؤسسات الخيرية وكان رجالها يقومون بجولات عبر الوطن لكي يكون هناك بث للوعي وأيضا لكي يتأسس الشعب والمكاتب الخاصة بالجمعية ولدراسة جميع ما هو قائم من الطبيعي والمحتوم أن توضع وتصدم الجمعية ببعض العراقيل وأن تواجه القوى الاستعمارية المختلفة في الجزائر،وهذا الاصطدام في رأي البعض هو الذي صيغ عليها لونا سياسيا. ([18]) وخلاصة القول من كل هذا نرى أن جمعية العلماء المسلمين كانت جمعية إصلاحية دينية، تربوية تهدف إلى إصلاح المجتمع الجزائري وبذلك تكون من بين أقدم جميع الحركات الثلاث الأولى باعتبارها حركة مخالفة أو متعارضة مبدئيا مع حزب الشعب. 
*- نشرت (الشهاب) و(النجاح) و(البلاغ) أخبار الاجتماع التأسيسي للجمعية رغم أن الثانية تمثل الموالين للإدارة والأخيرة الطريقة الهوية أما الأولى فهي مجلة ابن باديس وليست حال الجمعية وأعضاء اللجنة الدائمة ضم عمار إسماعيل (رئيسه) محمد المهدي (كاتبا)، آيت سي أحمد عبد العزيز(أمين مال)، محمد الفرمولي، الحاج عمر الخبق (عضوان)، يدعى السيد فوبني( مدخل). 
**- عبد الحميد ابن باديس: هو عبد الحميد ابن محمد المصطفى بن مكي بن باديس ولد في ديسمبر1899 من أسرة بربرية قسنطينية مشهورة بالعلم والثراء تلقى تعليمه في الكتاب بقسنطينة، تلمذ على يد حمدان لونسي 1903 حتى 1908 أكمل تعليمة في جامع الزيتونة (1908-1911) أعزز بشهادة العالمية (التطويع بدأ دعوته في الاصلاح، أسس الضحى وكان له الفضل في تأسيس ج.ع.م 1931، تبنى فكرة الاستقلال. 

الهوامش: ---------------------------------

[1]- د.عبد الكريم بوصفصاف: المرجع السابق، ص94. 
[2]- د.مومن العمري ، مرجع سابق، ص 28. 
[3]- شارل أندري جوليان: إفريقيا الشمالية تسيير، ترجمة، محمد مزامي وآخرين، الدار التونسية للنشر، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، 1976، ص 135. 
[4]- جريدة الشهاب: مجلد رقم 13، سنة 1937، ص 20. 
[5]- عبد الكريم بوصفصاف: المرجع السابق، ص ص 99، 100. 
[6]- د.عبد الكريم بوصفصاف: المرجع السابق، ص 108. 
[7]- صحيفة الشهاب: مجلد 15، 1937، ص 259. 
[8]- صحيفة البصائر: عدد 22، 1936، ص 2. 
[9]- صحيفة البصائر: عدد 95، سنة 1938، ص 2. 
*- فرحات عباس من مواليد أكتوبر1899، بسيدي غافر قرب الطاهير سنة 1936، بدأ التركيز عليه بعد مقولته الشهيرة: "لو أنني اكتشفت الأمة الجزائرية لكنت قوميا...إن فرنسا هي أنا"، ورد عليه ابن باديس بمقالة: "كلمة صريحة"، تأثر فرحات عباس فأدى به الأمر إلى توضيح ذلك في مقدمة كتابه الشاب الجزائري، الذي أعاد طبعه في1981 حين قال: قيل عني أني موالي لفرنسا، والعبارة التي تصدق بالنسبة لحالتي هو أن ثقافتي هي الفرنسية، من هناك ندرك أن شخصية فرحات عباس كانت مثيرة بأفكاره ومواقفه وستظل محل نقاش بين الذين عرفوه عن قرب أو سمعوا عنه، وبين الذين قرأوا له عن بعد، في نفس الوقت سيبقى وجها بارزا من وجوه الحركة الوطنية كانت له إسهامات تأسيس أحباب البيان والحرية 1944، ناقلا منصب رئيس الحكومة المؤقتة 1958، توفي بالجزائر يوم 24 ديسمبر 1985. انظر الملحق (04، 05) ص ص 68، 69. 
[10]- فرحات عباس: "حرب الجزائر وثورتها ليل الاستعمار" تعريب أبو بكر رحال مطبعة فضالة المحمدية، المغرب، ص254. 
[11]- أبو القاسم سعد الله: المرجع السابق، ج3، ص 86. 
[12]- الإبراهيمي: "أنا "، مجلة الثقافة، عدد 87. 
[13]- الإبراهيمي: أثار محمد البشير الإبراهيمي، عيون البصائر، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، د.ت، ج2، ص 42. 
[14]- عمار بوحوش: التاريخ السياسي للجزائر من البداية ولغاية 1962، ط1، دار المغرب الإسلامي، بيروت، 1997، ص 264. 
[15]- عبد الكريم بوصفصاف: المرجع السابق، ص 316. 
*- كانت المنتقد شديدة اللهجة قاسية الأسلوب، ولهذا عطلت، فخلفتها الشهاب الشهرية تدعوا إلى الحق في الدنيا والدين والسياسة والشهاب مجلة ولدت راقية حماها الله من التعطيل، فهي أطول صحف الجمعية عمرا، إلى أن قامت الحرب العالمية الثانية فعطلوها باختيارهم ولم تعد إلى الصدور، وبعد اتساع الحركة، أنشأت الجمعية أسبوعية، السنة فعطلتها حكومة فرنسا في الجزائر للهجتها الحادة، فأصدرت الجمعية في الأسبوع نفس جريدة الشريعة ولنفس الأسباب تم تعطيلها من قبل الحكومة بعد أسابيع فقط أصدرت الجمعية في الجنس جريدة الصراط أحد لسانا وأقوى بيانا ففاجأتها الحكومة بتعطيلها بقرار من باريس ومن ذلك صرحت فرنسا أن كل جريدة تصدرها الجمعية تعتبر معطلة من قبل أن تظهر بعدها مباشرة أصدرت الجمعية جريدة البصائر التي بقيت سائرة في طريقها إلى أن قامت الحرب العالمية الثانية، فعطلت باختيار الحكومة. انظر الملحق رقم (06)، ص ص 70-72. 
[16]- مومن العمري: المرجع السابق، ص 30. 
[17]- عبد الكريم بوصفصاف: المرجع السابق، ص 151. 
[18]- بكار العايش: حزب الشعب الجزائري ودوره في الحركة الوطنية 1937-1939، (د.س)، ص ص 108، 109.
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------

تحميل المبحث الثالث من الفصل الأول PDF

نشر على جوجل بلس

معلومان عن Unknown

موقع مكتبة جيقا – GigaLibrary: هو موقع يعنى بشؤون الطلبة الجامعيين وطلبة الدراسات العليا والباحثين في شتى المجالات العلمية والأدبية والعلوم الإنسانية والاجتماعية وغيرها، نساهم في إثراء مجال البحث العلمي في الجزائر والوطن العربي، كما ننشر آخر الأخبار والمستجدات في هذا المجال، نحاول نشر مواضيع جديدة، وتوفير المواد للباحثين (أطروحات، كتب، مقالات، بحوث جامعية، وغيرها).

0 التعليقات:

إرسال تعليق