-->
مرحبا بكم, نشكركم على زيارة موقعنا, نتمنى أن تكون قد حصلت على ما كنت تبحث عنه، ولا تنسى الإنضمام الى متابعي المدونة الأوفياء لتكون أول من يعرف بجديد مواضيعنا, دمتم في آمان الله .

المواقف الأولية للحركة الوطنية من الحرب (المبحث 2 - ف 2)

نزول الحلفاء 1942 في الجزائر وتأثيرها على الحركة الوطنية

الفصل الثاني: اندلاع الحرب العالمية الثانية ودور الجزائريين فيها 

المبحث الثاني: المواقف الأولية للحركة الوطنية من الحرب 

نزول الحلفاء 1942 في الجزائر وتأثيرها على الحركة الوطنية

أ‌) موقف جمعية العلماء المسلمين الجزائريين 

لم تبدي جمعية العلماء المسلمين الجزائريين أي موقف خلال الحرب فكان التزامها بالصمت وحينئذ لم تعبر بصراحة عن موقفها. ([1]) وكانت جمعية العلماء المسلمين قد أضعفت، قد توقفت فعلا وبشكل تام عن دعوتها مع بداية الحرب([2])، وأوقف الشيخ عبد الحميد بن باديس مجلة "الشهاب"(*) تحسبا لها ربما تيسر عليه لنشر ما في صالح فرنسا في الحرب واعتقل بعض أعضائها وعلى رأسهم البشير الإبراهيمي، والشيخ العقبي(**) رأى أن يصدر جريدة الإصلاح(***) مرة أخرى، ولم يتخذ طريقة زميله عبد الحميد ابن باديس ولا طريق الجمعية. ([3]) 
لمعاينة مقدمة نزول الحلفاء 1942 في الجزائر وتأثيرها على الحركة الوطنية- إضغط هنا
ومن جهة أخرى هناك من أيد فرنسا وذلك عن طريق برقيات إلى السلطة الفرنسية نفسها تعلن فتوى رجال الدين "المفتون، القضاة، المرابطون" الرسميين بوجوب الحرب مع فرنسا شرعا وكان هذا هو عربون الولاء الذي حصلت عليه فرنسا من الجمعية. ([4]) 
المبحث الأول: أوضاع نجم شمال إفريقيا وتأسيس حزب الشعب - إضغط هنا
وجمعية العلماء المسلمين الجزائريين لها مطلق القدرة على إنتاج الشعب الجزائري بضرورة الوقوف إلى جانب فرنسا في حربها ضد ألمانيا إذا ما أرادت ذلك ولكنها لم تفعل ذلك تمسكا منها بمبادئها الإسلامية الصحيحة وكذا بقانونها الأساسي. ([5]) 
وفي عام 1940 عرفت الجزائر حدثا مؤلما تمثل في وفاة الشيخ عبد الحميد بن باديس فحل محله على رأس جمعية العلماء المسلمين الشيخ الطيب العقبي الذي سبق له أن دعا إلى التسامح مع الجالية اليهودية. ([6]) 

ب‌) موقف حزب الشعب الجزائري: 

إن مشاركة فرنسا في الحرب العالمية الثانية لم تكن هباء منثورا بل كان على إدخال شعوب مستعمراتها لخدمة مصالحها في الحرب وذلك عن طريق التجنيد الإجباري الذي فرضته فرنسا في عام 1912 على الشعب الجزائري، إلا أن هذه المشاركة قد انعكست على مسار الحركة الوطنية داخل الجزائر فنجد أن حزب الشعب كان موقفه واضحا منذ تأسيسه حيث كان رافضا للتجنيد إلى جانب فرنسا([7])، وكان مناضلو حزب الشعب هم الوحيدين الذين رفضوا التجنيد فرفعوا شعار: "فرنسا لم تعطنا أي شيء ،فلماذا نموت من أجلها" وجاء هذا الرفض عملا بتوصيات مصالي الذي صاغها وهو لا يزال في السجن. ([8]) 
لمعاية المبحث الثاني: تأسيس ومسار الحزب الشيوعي الجزائري- إضغط هنا
ولقد كان مسيرو حزب الشعب في تلك الفترة في السجون يتقاضون السنتين المحكوم عليهم منذ عام 1937، ولما خرجوا ما لبثوا حتى ألقي عليهم القبض من جديد،يضاف إلى ذلك صدور الأمر بحل حزب الشعب يوم 26 سبتمبر1939، فقرر أن يعمل سرا بعد أن أوقفت جرائده"الأمة" و"البرلمان".([9]) 
ويجيب فرحات عباس على السلطة الفرنسية برسالة قصيرة على الدعوة التي وجهتها للشعب الجزائري قائلا:"إن الجزائريين يريدون حيدا المشاركة في حرب تحرير الشعوب،ولكن شرط أن تقع هذه المشاركة دون تمييز عرفي ولا ديني كما أن لا يحدث حرمان السكان قط من الحريات، الحقوق، السياسة وذلك رغم تضحيات والوعود التي تقدمت،وأن يقع استدعاء وجوبا لمحاضرة تجمع المنتخبين. 
والممثلين لكل المنظمات المسلمة من أجل صنع قانون أساسي عام واقتصادي واجتماعي. ([10])
لمعاينة المبحث الثالث: تأسيس ج.ع. المسلمين الجزائريين- إضغط هنالمعاينة المبحث الرابع: ظروف انتماء المِؤتمر الإسلامي ونتائجه- إضغط هنا

ج) موقف الحزب الشيوعي الجزائري: 

في الحقيقة إن الحزب الشيوعي الجزائري لم يكن يوما من الأيام في جانب كفاح الشعب الجزائري للتخلص من الاستعمار الفرنسي، بل كان دائما ضد أي انفصال عن فرنسا([11]) كما أن موقفه كان مثل موقف الحزب الشيوعي الفرنسي حيث كان يتمثل في منح الأولوية لحرب البلدان الأوروبية من أجل تحررها دون أن يضيف إليها المصالح الوطنية للشعوب المستعمرة. ([12]) 
ويجب الحديث على نظام فيتشي الذي سببه خلط الموازين ففي جوان 1940 هزمت فرنسا، وكان ذلك سببا لأسى الحكام والسكان الفرنسيين، وذليلا على ضعف فرنسا بالنسبة إلى الجماهير الجزائرية وفي 25 جوان علم السكان الأوروبيين بانشراح أن وحدة الإمبراطورية خرجت مصونة، فانضموا بحماس إلى نظام الماريشال بيتان ممثل الدولة القوية،المضاد للجمهورية والمتحكم بقوة وكان يعني الرجوع إلى الأصل أي إلى جزائر عهد الملكية الفرنسية ([13])، هذه الهزيمة استغرب منها الجزائريون وعلموا جيدا كم هي ضعيفة فرنسا([14]) أمام هذا الهجوم الألماني حيث سقطت عاجزة ذليلة ([15]). 
وفي ظل كل هذا ساد اعتقاد الفئات الشعبية التي لم تتوان على إعجابها بألمانيا النازية معتقدة أنها ستأتي لتخلصهم من الكولونيالية الفرنسية، وأن حرمان اليهود من امتيازاتهم سيؤدي حتما إلى النظر في وضعياتهم ،غير أن عباس خالفهم الرأي ويرى بأن تصريح اليهود لا يؤدي إلى ترقية أوضاع الأهالي. ([16]) 
ولقد قامت حكومة فيشي بقيادة الماريشال بيتان بإلغاء مرسوم كريميو الذي منح يهود الجزائر الجنسية الفرنسية 1870 أبدى تخوفاته ([17]) ومما تجدر الإشارة إليه هو أن الفرنسيين طاروا فرحا وسرورا حين ألغي مرسوم كريميو ([18]) أما المجالس المحلية والعامة واللجان المالية تعود إلى صلاحيتها. ([19]) 
ولقد تميزت الدعاية الألمانية في الجزائر أنها أحرزت سمعة كبيرة وسط الأهالي بما حققته من نجاحات وتفوقا ته داخل الأهالي([20])، ولكن الحرب الألمانية النازية كانت حربا خاطفة وشديدة الوقع،فما لبثت فرنسا أن سقطت تحت الاحتلال الألماني سنة 1940 هو انتصار لقضيتهم الوطنية وبداية عهد جديد. ([21]) 
وفي الجزائر كما في فرنسا، أجبرت الحرب حزب الشعب الجزائري على الدخول في السرية ومن المؤكد أن الحزب قد ضعف لكنه لم ينته، فقليل من المسئولين في فرنسا لعبوا الورقة الألمانية. ([22]) 
وفي أول الأمر كانت حكومة فيشي قد حاولت أن تسلك سياسة الوفاق مع حزب الشعب([23])، ومن جهته عبر مصالي الحاج عن موقفه من تجريد اليهود من الجنسية الفرنسية كالتالي:"إلغاء مرسوم كريميو لايمكن اعتباره خطوة نحو تقدم الشعب الجزائري([24]) وآنذاك تقرر تقديمه إلى المحاكمة يوم 17 مارس1941 وعندما سأله القاضي ماذا يريد حزب الشعب؟ قال المساواة ، احترام تقاليدنا، لغتنا، ديننا، وإذا أعطانا الفرنسيون حرية سنموت من أجلهم إنهم لغاية الآن أهملوا احترامهم لهذا البلد([25])، ومن المشير أن هذه المطالب سبق أن نشرها حزب في جوان-حزيران 1939 في جريدة "البرلمان" قبل أن تمنعها السلطات الفرنسية من الصدور قد لخص المطالب في ثلاث كلمات سر: التصويت الموحد، البرلمان الجزائري، الترشيد. ([26]) 
وبعد المداولات الشكلية أصدرت المحكمة العسكرية على مصالي الحاج وأعضاء الحزب بستة عشر عاما سجنا مع الأشغال الشاقة والتجريد من الحقوق المدنية ونفي على سجن لاميسز مع الأشغال الشاقة. ([27]) 
أما عن جماعة النخبة وعلى رأسها فرحات عباس الذي كان شاهدا على هزيمة فرنسا وسقوط حكومتها وجيشها وعاش التجربة عاد إلى الجزائر في أوت 1940 عازما على مبادرة سياسية خاصة وأن الساحة كانت خالية في ذلك الوقت([28]) إذ مات عبد الحميد ابن باديس الذي كان محل تقدير الجميع في 16 أفريل 1940 وقدمها مصالي الحاج منفيا لمدة 16 سنة، وفقدان الناس الثقة في ابن جلول المتذبذب المواقف خلال الثلاثينيات والذي تراجع في هذه الفترة. ([29]) 
وفي خضم هذا الوضع السياسي المتأزم عبر فرحات عباس بتصريح قائلا:"إن عنصريتكم تذهب في كل الاتجاهات اليوم ضد اليهود وفي كل الحالات أنتم ضد الحرب".([30]) 
وفي عام 1941 قرر فرحات عباس التوجه إلى الماريشال بيتان شخصيا عبر ماكس بونافوس(*) وبالفعل أرسل عباس تقريره للماريشال بتاريخ 16 أفريل 1941 بعنوان "جزائر الغد".([31]) 
هذا التقرير باسم الشباب الجزائري، الفلاحين، العمال، ضمنه برنامج احتوى على مجموعة من الإصلاحات شملت مختلف الميادين([32]) نرى أن فرحات عباس رجل الجمهورية أضاف قبسات ثورية ونوع من الروح الوطنية فكتب "نحن في مفترق الطرق وعلينا أن نختار ....نريد أن نتقد ولنا ثقة كاملة في فرنسا لكي تضع حدا لهذا التباين الصارخ"([33]) ومن بين الإصلاحات ما يلي: 
- إنشاء صندوق فلاحة يخضع للمراقبة للحفاظ على الفلاحين. 
- إنشاء القروض الفلاحية. 
- إلغاء ملكية الشركات الكبرى. 
- ترسيم اللغة العربية وفصل الدين عن الدولة. 
- ترقية الدواوير والتجمعات السكنية. ([34]) 
وفي ختام حديثه فرحات عباس قام بخلاصة مفادها أن طبقت هذه النقاط في فئتي المستعمرة والجمهور الكبير العدد الرغبة في البقاء مثلا هذه الرغبة هي أساس تكوين كل أمة. ([35]) 
هذه البرقية التي بعثها فرحات عباس إلى بيتان بتاريخ 10 أفريل 1941 كانت بعد خمسة أشهر من إلغاء مرسوم كريميو. ([36]) 
انتظر فرحات عباس وصول البرقية لكي يجد رد الماريشال حول الإصلاحات التي قدمها له وفي 14أوت 1941 جاء رد الماريشال باختصار شديد "سنأخذ بعين الاعتبار اقتراحاتكم ([37]) بهذه الإجابة وبهذا الرد قام فرحات عباس بالانسحاب من اللجنة المالية الجزائرية لخيبة أمله في الأنظمة، وأيضا لم يكن انسحابه من اللجنة المالية فقط بل أيضا من فدرالية النواب كل هذا فرار من شعبية فرحات عباس([38])، وبهذا الرد وهذه الظروف لم تكن أي محاولات أخرى فلقد كان الشعب الجزائري يعيش بظروف قاسية لم تسع لأي نشاط سياسي فمعظم الزعماء في المعتقلات([39]) ولقد تم إيقاف مصالي الحاج و26 من أصدقائه قادة حزب الشعب الجزائري وحكم عليهم مرة أخرى في مارس 1940 بـ 123 سنة من الأشغال الشاقة و114 سنة من السجن و560 سنة من منع الإقامة (النفي). ([40]) 
قبل التطرق إلى نزول الحلفاء يجدر بنا التطرق إلى الحملات الدعائية والنفسية التي كانت في الجزائر من طرف الحلفاء([41])، وهكذا توجه الأنظار من جديد إلى ناحية أخرى ظهرت جدتها وجديتها، هي ورقة الحلفاء بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية، وبشروط الحلف"الأطلنطي" الذي ظهر أكثر جدية وامتن بناءا من شروط ويلسون بعد الحرب العالمية الأولى([42])، ولقد كان المسلمون الجزائريون متأثرين بضعف فرنسا في 1940 وشهدوا في1942 استبدال نظام فيتشي تحت حماية أمريكية بنظام فيتشي تحت رقابة ألمانية، وقد دفعهم ذلك إلى طرق القضية الجزائرية ليس أمام فرنسا فحسب وإنما أمام الحلفاء أيضا وكانت آمال الجزائريين من خلال الحلف الأطلنطي كبيرة ومعلقة على معسكر الحلفاء([43])، فكشف كل الوثائق السابقة عن الموقف الحقيقي للحلفاء بزعامة أمريكا وبريطانيا ولقد لخصها أبو القاسم سعد الله أهداف الحلفاء بالإضافة إلى المحافظة على السيادة الفرنسية: 
- إيجاد إدارة مستقرة ناجحة. 
- إعادة الحياة الاقتصادية المخربة. 
- إعادة قرار كريميو لليهود. ([44]) 
من الملاحظ أن هذه الأهداف تعمل لصالح الفرنسيين واليهود المتواجدين بالجزائر([45])، أما عن الحركة الوطنية حاول فرحات عباس إجراء عدة اتصالات وكان فرحات عباس يدرك بأن الأمريكيين هم الذين سوف يقررون مصير العالم، فاتصل بالجنرال روبير مورفي بعد الإنزال بالعاصمة يوم8 نوفمبر1942، وفي مذكرات مورفي يتحدث تلقت اتصالات عديدة بعضها غير منتظر بها بما في ذلك زيارة فرحات عباس الذي يعتبر في هذه المرحلة وطني متشدد وتحدث معي عن استقلال الجزائر فأجبته إن أمريكا تدعم كل رغبات الاستقلال([46]). 
قبل كل شيء يجب التذكير بشيء مهم وهو أن قبل نزول الحلفاء بشمال إفريقيا كانت وراء دعاية كبيرة فراديو لندن وموسكو وواشنطن غمرت العالم بالمناداة بحرية الإنسان وبمساواة الشعوب ، وساهمت هذه الإذاعات مساهمات فعالة في تكوين شعوب إفريقيا وآسيا تكوينا سياسيا صحيحا، وعرفت الشعوب المستعمرة حقوقها وهذا ما يفسر الحماس الذي اندلعت نيرانه في قلوب الجزائريين غداة نزول الحلفاء 1942([47]). 
من الأخطاء الإستراتيجية التي قام بها هتلر(*) استخفافه بالشعور الوطني الجياش حينئذ، أما الإنجليز والأمريكان فلقد استغلوا هذا الموقع الجغرافي الفريد من نوعه. 
وبادروا بتنفيذ عملية الإنزال العسكري على الشواطئ الجزائرية والمغربية يوم 8 نوفمبر 1942([48]). 
8 نوفمبر 1942 هذا الحدث التاريخي البارز والأكيد في ذاكرة احتلال الفرنسي للجزائر وفي خضم الصراعات العربية التي يخوضها الشعب الجزائري مع حكومة فرنسا نزلت قوات الحلفاء بالجزائر في الثامن من نوفمبر1942([49])، وهران، قسنطينة، العاصمة، الدار البيضاء كانوا بمثابة أبواب لدخول الحلفاء([50])، لم يكن دخولهم سهلا لتلك المناطق بل واجهوا مقاومة شديدة مؤقتة في إقليمي قسنطينة ووهران. ([51]) 
لم يكن تقدم الجيوش الأمريكية ودخولها دون سابق تخطيط أو هيكلة داخل أوساط جيشها بل كانت في أعداد كبيرة نسيا مصحوبة بمعدات صناعية وأسلحة وحاولت أن تتوزع بشكل تنظيمي وهيكلة موحدة. ([52]) 
قوبل نزول القوات الأمريكية بكثير من التعاطف بسبب ما حملوا معهم من تصورات جديدة عن الديمقراطية وهي أفكار تقع على طرفي نقيض مع أنظمة الحكم الشمولي لدى خصومهم ،علما أن ميثاق الأطلسي الذي وقعه هؤلاء في14أوت 1941 يتضمن إشارات صريحة إلى مبدأ حرية الشعوب في تقرير مصيرها وحقوق الإنسان مما صادف قبولا حسنا لدى الشعوب الراسخة تحت نير الاستعمار الانجليزي والفرنسي في لإفريقيا وآسيا. ([53]) 
أما عن الحركة الوطنية في ظل هذه الظروف عند نزول الحلفاء كانت فراغ وثغرات داخل نشاطها السياسي بقيام بسجن الزعماء واعتقالهم وإخراجهم من الساحة السياسية ،فقد بادر فرحات عباس بتقديم مذكرة إلى الحلفاء تعكس مطالب الجزائريين([54])، وذلك بعد شهر من نزول الحلفاء في 20 ديسمبر 1942 ببعث تلك الرسالة من الممثلين الجزائريين إلى السلطات المسئولة([55])، وكانت هذه الرسالة تطلب استدعاء ندوة للمنتخبين والممثلين المؤهلين للمنظمات الإسلامية قصد ضبط الإصلاحات الضرورية ([56])، وأيضا تعبيرا من خلالها عن الاستعداد للمساهمة في تعبئة الجزائريين ضد المحور. ([57]) 
وقد وقع على المذكرة ممثلون من الولايات الثلاثة: الجزائر، وهران، قسنطينة، ووجهت إلى ممثلي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والحكومة العامة الفرنسية في الجزائر. ([58]) 
وكانت تقوم أيضا على المطالبة بربط تحرير الجزائر السياسي بتحرير فرنسا والمطالبة بقانون سياسي جديد يقوم على العدالة الاجتماعية([59])، وعندما كتب فرحات عباس تلك الوثيقة حررها في إطار الوثائق الجزائرية السابقة مطالب النخبة، المؤتمر الإسلامي، ومبادئ حزب الشعب، وعلى روح الميثاق الأطلسي وأفكار الثورة الفرنسية. ([60]) 
ونجد أن هذه المذكرة التي تقدم بها فرحات عباس لم تلقى أي رد أو بالأحرى قوبلت بالرفض من طرف الأمريكان والإنجليز بدعوى أنها قضية تخص الفرنسيين وبذلك لم تخص بأي اعتبار ولا بأي جواب. ([61]) 
هذا التجاهل أدى بالزعماء الوطنيين إلى عقد اجتماع بمكتب المحامي بمنجل أثناء شهر ديسمبر1942 ([62])وحضر الدكتور تازمالي، النائب المالي غريسي أحمد، المستشار العام قاضي عبد القادر، رئيس جمعية الفلاحين والدكتور لامين دباغين(*). 
عضو حزب الشعب والشيوخ العربي التبسي(**) وخير الدين، أحمد توفيق المدني(***) والدكتور ابن جلول(****) ومحمد جمام وتناقشوا على وضع الجزائر ومشاكل الحرب. ([63]) 
إن هذه الشخصيات الممثلة اتفقوا على المواقف السيئة كما اتفقوا على إصدار وثيقة جديدة أسند تحريرها وفي هذا السياق يقول عباس(*****) أنه عند رجوعه إلى منزله بسطيف كتب بيان الشعب الجزائري. ([64]) 
وبذلك نجد أن الوالي الجنرال جيرو لم يهتم بمطالب الجزائريين واحتجاجه بانشغاله بالحرب العالمية الثانية ([65])حيث قال: أن لست سياسي أنا رجل حرب "وبذلك نستنتج أن ميرو قد تلقى وعودا من الأمريكيين بأنهم سيكفون عن استقبال الوطنيين. ([66]) 
ومن هنا سيتخذ الجزائريين حركة جديدة للضغط على الفرنسيين لكي تلبي مطالبهم ومنه يظهر الدور الذي قدمه فرحات عباس في ضده الفترة. ([67]) 

الهوامش: -----------------------------

[1]- بو عبد الله عبد الحفيظ: مرجع سابق، ص 99. 
[2]- محفوظ قداش: المرجع السابق، ص 814. 
*- الشهاب: صحف جمعية العلماء المسلمين تمت الإشارة إليهم في الفصل الأول في م3. 
**- الشيخ العقبي: هو الطيب العقبي بن محمد بن إبراهيم ولد بمدينة سيدي عقبة بولاية بسكرة في الججزائر عام 1307هـ 1898م، ينتهي نسبه إلى قبيلة أولاد عبد الرحمان الأوراسية، هو من عائلة متوسطة معروفة بالمحافظة والتدين وهو علم من أعلام الجزائر وواحد من اكبر علمائها وأشهر دعاتها ورمز من رموز الدعوة السلفية فيها وهذا بشهادة أنصاره ومحبيه وباعتراف أعدائه ومخالفيه. انظر الملحق رقم (09)، 75. 
***- الإصلاح: صحف جمعية العلماء المسلمين تمت الإشارة إليهم في الفصل الأول في م3. 
[3]- بن العقون إبراهيم عبد الرحمان: المصدر السابق، ص 237. 
[4]- أبو القاسم سعد الله: المرجع السابق، ص ص181، 182. 
[5]- بو عبد الله عبد الحفيظ: المرجع السابق، ص 99. 
[6]- محفوظ قداش: المرجع السابق، ص 814. 
[7]- بو عبد الله عبد الحفيظ: المرجع السابق، ص 99. 
[8]- حميد عبد القادر: المرجع السابق، ص 86. 
[9]- عبد الرحمان بن إبراهيم بن العقون: المرجع السابق، ص 239. 
انظر الملحق رقم (10)، ص ص 76-78. 
[10]- شارل أنري فافورد، المرجع السابق، ص 135. 
[11]- بن العقون، عبد الرحمان إبراهيم: المصدر السابق، ص 225. 
[12]- مهساس أحمد، الحركة الوطنية الثورية في الجزائر، تر الحاج مسعود مسعود، محمد عباس، منشورات الذكرى الأربعين للإستقلال (د.س)، ص 187. 
[13]- تيامين سطورا: مصالي الحاج رائد الوطنية الجزائرية، 1898-1974، تر الصادق عماري، مصطفى ماضي، دار القصبة للنشر، الجزائر، 2007، ص 183. 
[14]- بو عبد الله عبد الحفيظ: المرجع السابق، ص 101. 
[15]- بن العقون إبراهيم عبد الرحمان: المصدر السابق، ص 288. 
[16]- عبد القادر حميد: المرجع السابق، ص 87. 
[17]- حميد عبد القادر: المرجع السابق، ص87. 
[18]- علاق هنري: مذكرات جزائرية، دار القصبة للنشر والتوزيع، الجزائر، ص 58. 
[19]- أني راي كولدزيغر: جذور حرب الجزائر 1940-1945 من المرسى الكبير إلى مجازر الشمال القسنطيني دار القصبة للنشر، الجزائر، 2005، ص 180. 
[20]- أبو القاسم سعد الله: المرجع السابق، ص 191. 
[21]- بن العقون إبراهيم عبد الرحمان: المصدر السابق، ص 240. 
[22]- محفوظ قداش: المرجع السابق، ص 829. 
[23]- بن العقون إبراهيم عبد الرحمان: المصدر السابق، ص 240. 
[24]- حميد عبد القادر: المرجع السابق، ص 88. 
[25]- عمار بوحوش: التاريخ السياسي للجزائر من البداية ولغاية 1962، ط2، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 2005، ص 306. 
[26]- بن العقون عبد الرحمان، نفسه، ص 240. 
[27]- يحي بوعزيز: السياسة الاستعمارية من خلال جزء الشعب الجزائري 1830-1945 ديوان المطبوعات الجامعية، بن عكنون، الجزائر، ص 18. 
[28]- بو عبد الله عبد الحفيظ: المرجع السابق، ص 101. 
[29]- أبو القاسم سعد الله: المرجع السابق، ص 199. 
[30]- بوعبد الله عبد الحفيظ: نفسه، ص 102. 
*- ماكس بونافوس: حاكم عام لمدينة قسنطينة السابق، والذي أصبح يشغل منصب وزير التمويل في حكومة فيشي. 
[31]- حميد عبد القادر: المرجع السابق، ص 88. 
[32]- بوعبد الله عبد الحفيظ: المرجع نفسه، ص 189. 
[33]- حميد عبد القادر: المرجع السابق، ص 83. 
[34]- مهساس أحمد: المصدر السابق، ص 189. 
[35]- بو عبداله عبد الحفيظ: المرجع السابق، ص 103. 
[36]- محمد تقية: الثورة الجزائرية، المصدر، الرمز المآل، دار القصبة للنشر، الجزائر، 2010، ص 102. 
[37]- عبد القادر حميد: المرجع السابق، ص 106. 
[38]- بوعبد الله عبد الحفيظ: المرجع السابق، ص 189. 
[39]- بن العقون إبراهيم عبد الرحمان: المرجع السابق، ص 338. 
[40]- محفوظ قداش: جزائر الجزائريين بين تاريخ الجزائر1830-1954، منشورات anep، 2008، ص 338. 
[41]- أبو القاسم سعد الله: نفس المرجع، ص 197. 
[42]- إبراهيم عبد الرحمان ابن العقون: المرجع السابق، ص 247. 
[43]- محفوظ قداش: المرجع السابق، ص 839. 
[44]- أبو القاسم سعد الله: المرجع السابق، ص 199. 
[45]- نفس المرجع. 
[46]- حميد عبد القادر: المرجع السابق، ص ص91، 92. 
[47]- فرحات عباس : ليل الاستعمار، دار القصبة للنشر، الجزائر، 2005، ص 104. 
*- أدولف ألويس هتلر: سياسي ألماني نازي ولد في النمسا كان زعيم حزب العمال الألماني الاشتراكي الوطني، كانت وصيته الأخيرة التي القاها هتلر على سكريتيه تراداويل يونجيه داخل قبوه في برلين في 29 أفريل اليوم الذي تزوج فيه إيفا براون ثم قام بالانتحار. 
[48]- بن يوسف بن خدة: جذور أول نوفمبر1954، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر، 2010، ص 83. 
[49]- علاق هنري: مصدر سابق، ص 83. 
[50]- يحي بوعزيز: مرجع سابق، ص 18. 
[51]- أبو القاسم سعد الله: المرجع السابق، ص ص 217،218. 
[52]- colonel coussanlt: grousade en europe robert laffont. Rue de l’unuversité paris. P:47 
[53]- بن يوسف بن خدة: المرجع السابق، ص 124. 
[54]- عبد القادر حميد: المرجع السابق ، ص 103. 
[55]- محمد تقية: المرجع السابق ، ص 103. 
[56]- محفوظ قداش: المرجع السابق، ص 339. 
[57]- بو عبد الله عبد الحفيظ: المرجع السابق، ص 106. 
[58]- أبو القاسم سعد الله: المرجع السابق، ص 220. 
[59]- عبد القادر حميد: المرجع السابق، ص 108. 
[60]- هنري علاق، المرجع السابق، ص 53. 
[61]- فرحات عباس، المرجع السابق، ص 104. 
أنظر الملحق رقم (11)، ص ص 79، 80. 
[62]- عبد الرحمان إبراهيم بن العقون: مرجع سابق، ص 252. 
*- لمين دباغين: عربي الأصل متدين كان منافسا لمصالي الحاج وطني خاص إلا انه متردد موضع ثقة للمجاهدين بالداخل مما دفع بالمسؤويلن الجزائريين بعدم التخلي عنه للاستفادة منه داخل الحكومة لاقناع الجيش بسلامة واتجاهات الدولة، يرى ان الثورة أكبر من الأشخاص المسؤولين بضرورة الاستعانة بخيرات المسؤولين لمواجهة السايسة الفرنسية. 
**- العربي التبسي:أحد أعمدة الإصلاح في الجزائر،وأمين عام جمعية العلماء المسلمين الجزائرية،والمجاهد البارز الذي خطفته يد الغدر الفرنسية عام1957. 
***- أحمد توفيق المدني:هو أحمد توفيق بن محمد المدني القيلي الغرناطي الجزائري،عالم،مؤرخ ،ووزير جزائري،ولد بتونس يوم24 جمادى الثانية1317،و1نوفمبر1899،توفي بالجزائر العاصمة يوم 12محرم 1404 هو18 أكتوبر1983م. 
****- ابن جلول:ولد محمد الصالح بن جلول سنة1896 بمدينة قسنطينة من عائلة ثرية ،تلقى تعليمه الأول بمسقط رأسه ثم انتقل إلى باريس لمواصلة دراسته وسجل بكلية الطب التي تخرج منها سنة1924،وبدأ ممارسة مهمته كطبيب بالجزائر. 
*****- تعليق لفرحات عباس يقول: يقال أن م تيرك مدير الشؤون الإسلامية، و م وغيرهم في ممثل الولايات المتحدة الأمريكية هما اللذان أو حيا هذا البيان،أبدا لم يكن هذا فإن الشخصيتين المذكورتين لم تعرف شيئا عن البيان كغيرهما إذ بعد تقديمه بضعة رسمية إلى السلطات،وفوق ذلك فإن هذه الوثيقة كانت لها سابقية في تقرير كنت قدمته في شهر أفريل 1914 للماريشال بيتان. 
[63]- أبو القاسم سعد الله: المرجع السابق، ص 224. 
[64]- عبد الرحمان بن إبراهيم بن العقون: المرجع السابق، ص 253. 
[65]- أبو القاسم سعد الله: الحركة الوطنية، المرجع السابق، ص 83. 
[66]- عبد القادر حميد: المرجع السابق، ص 87. 
[67]- أبو القاسم سعد الله: المرجع السابق، ص 224.
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------

تحميل المبحث الثاني من الفصل الثاني PDF

نشر على جوجل بلس

معلومان عن Unknown

موقع مكتبة جيقا – GigaLibrary: هو موقع يعنى بشؤون الطلبة الجامعيين وطلبة الدراسات العليا والباحثين في شتى المجالات العلمية والأدبية والعلوم الإنسانية والاجتماعية وغيرها، نساهم في إثراء مجال البحث العلمي في الجزائر والوطن العربي، كما ننشر آخر الأخبار والمستجدات في هذا المجال، نحاول نشر مواضيع جديدة، وتوفير المواد للباحثين (أطروحات، كتب، مقالات، بحوث جامعية، وغيرها).

0 التعليقات:

إرسال تعليق